بسم الله الرحمن الرحيم
يسرّ موقع ميراث الأنبياء أن يقدّم لكم تسجيلاً لكلمة بعنوان:«التحذيرات المدنية من القنوات الفضائية» ألقاها فضيلة الشيخ الدّكتور: محمد بن هادي المدخلي –حفظه الله تعالى- ليلة الخميس 19 من شهر جمادى الآخرة من عام 1445هـ في «جامع الأميرة حصة» بمدينة جدّة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها الجميع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمد الهادي الأمين المبعوث رحمة للعالمين حُجّةً على خلق الله أجمعين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدّين.
أمّا بعد:
فيا أيّها الإخوة: إن شاء الله لا أطيل عليكم لاسيّما وأنتم قد حضرتم المحاضرة التي ألقاها صاحب الفضيلة الشّيخ: فؤاد العمري جزاه الله خيرًا وبارك فيه وفيكم أجمعين، وأعلم أنّ في هذا شيء من الإثقال عليكم فاحتملوا وإن شاء الله لا أطيل، ولو علمتُ أنّ الكلمة قبلها كلمة ما وافقت على ذلك ولكن الحمد لله على كلّ حال.
والموضوع الذي أحبُّ أن أتكلّم معكم فيه معشر الإخوة والأبناء معشر الأخوات والبنات موضوع مهمٌّ جدًّا موضوع ابتلينا به في هذه الآونة ذلكم الموضوع لا يكاد ينجو منه إلاّ من كتب الله له من نجاء ألا وهو: «الفضائيات وما أدراك ما الفضائيات» فإنّ الكلام قبل مدّة حينما جاء هذا البث المباشر كان منصبًّا على التحذير من الفضائيات لما تبثّه من الانحلال الخُلُقي والفساد الذي أدّى في بلد الغرب أو بلاد الغرب إلى كلّ شرٍّ ورذيلة، فكان أكثر النّظر في التّحذير منصبًّا على هذا الجانب جانب الفسق والانحلال الخُلُقي، ثمّ لمّا بدأ غزو الفضائيات تسابق إليها أصحاب المبادئ كلّ صاحب مبدإ يريد أن ينشر مبدأه وكلّ صاحب دعوة يريد أن ينشر دعوته وكلّ صاحب نِحلة يريد أن ينشر نِحلته، فالكفّار الأصليون لهم محطّات في هذا لا تُعدُّ ولا تُحصى تسعى لارتداد المسلمين عن دينهم وقد أفلحوا في هذا الجانب في البلدان الجاهلة المجتمعات الإسلامية الجاهلة، وساند هؤلاء وللأسف من حيث لا يشعرون بعض ضُلاّل أُمّة محمد –صلّى الله عليه وسلّم- باسم الدّعوة إلى «حُرّيّة الرّأي» و«حُرّيّة التّعبير» و«حُرّيّة الاعتقاد» فسهّلوا للنّاس فتح باب الرّدّة والدّخول فيه -عياذًا بالله من ذلك- فنسمع بين الفينة والفينة من يرتدّ ويتنصّر أو يرتدّ ويُلحد والأمر ليس بخفيٍّ عليكم معشر الإخوة الكرام إذ السّاحة تعُجُّ بذلك، وتطوّر الأمر فتسابق أهل البدع والضّلالات فغزوا مجتمعاتنا معشر الإخوة ففُتحت لهم المحطّات الفضائية وجيّشوا الجيوش لها فأمطروا أمّة الإسلام بِوابل من الشُّبه العظيمة التي تُشكّكهم في دينهم وتساعدهم على الانحراف.
فمحطّات فضائية متعدّدة رافضيّة تنشر مذهب الرّفض تكفير أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والطّعن فيهم والحكم عليهم بأنّهم ارتدّوا إلاّ نفرًا قليلاً والطّعن في أمّهات المؤمنين أزواج رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- ولاسيّما الصّدّيقة بنت الصّدّيق العفيفة الطاهرة المُبرّأة ممّا رماها به رأس المنافقين عبد الله بن أُبيّ بن سلول –لعنه الله- أبد الآباد فورثه هؤلاء الفُجّار فتولّوا القيام على هذا الباب ولعلّكم سمعتم ما صار في العام الماضي وقبله من كلام على أمّنا زوج رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- الطّاهرة العفيفة فراش خير الأنبياء –صلوات الله وسلامه عليه-، فهؤلاء يجهدون وللأسف تجد من أمة الإسلام من يستمع لهم بدعوى أنّ له عقل وله فهم يُميّز به بين الغثّ والسّمين وهذه الدّعوى غير صحيحة فإنّ القلوب ضعيفة والشّبه خطّافة وقد رأينا من أجابهم فارتدّ عن دين الإسلام الصحيح ودخل في مذهب الرّفض من العالَمين العربي والإسلامي بل ومن الأقلّيّات الإسلاميّة في العالَم الغربي ورأيناهم وهم يُلقّنونه البراءة من أبي بكر وعمر –رضي الله تعالى عنهما- سيّدا هذه الأمة بعد نبيّها –صلّى الله عليه وسلّم- وللأسف هذه القنوات يُستمع لها.
وقنواتٌ أخرى باسم الإسلام والإسلاميّين تبثّ البدع والشّبهات وتُشكّك في العقائد والأساسيات في ديننا نحن المسلمين؛ فكانوا عونًا لأهل الانحراف الأصلي من الكفرة الفجرة والملاحدة فربما سمعتم عن المنتدى لليبيراليّين السّعوديّين وهؤلاء الفجرة أثرهم عظيم على من قلّت بضاعته في الدّين والعلم حتّى خرج علينا من يتطاول على ربّنا تبارك وتعالى ونبيّنا –صلّى الله عليه وسلّم- من أبنائنا بين المسجدين في الحجاز ثمرة الاستماع إلى هؤلاء والإصغاء لكلامهم، فهؤلاء من يتسمّون بالإسلامييّن لهم قنوات لا تُعدّ ولا تُحصى والمُتكلّمون فيها كثير لا كثّرهم الله ويظهرون للنّاس في زيّ أهل العلم وهم أهل علم بالضّلالة معشر الإخوة والأبناء يُزيّنون للناس الانحراف والنّاس لا يعرفون حقائق هؤلاء وما ينطوون عليهم فيستمعون لهم فتعلق الشّبه بقلوبهم –نسأل الله العافية والسّلامة- وإذا بك إذا جلست في كثير من المجتمعات واللّقاءات والمنتديات تسمع الحديث على ألسنة العامة قال الشّيخ فلان وقال الشّيخ فلان تسمعه وإذا هي أقوال الخوارج وأقوال جهم بن صفوان وعمرو بن عبيد المعتزلي وواصل بن عطاء والبسطامي والحلاّج ومن كان على شاكلتهم فيحرفون الناس بها.
وقنوات أخرى تزعم أنّها تسعى إلى تصفية الرّوح وتربية الأرواح قنوات صوفيّة إذا نظرت فيها وإذا بها من الانحراف ما يمجّه أحيانًا من به خبل في عقله فضلاً عن العقلاء رقص ودفوف ويقولون: هذا هو الذّكر؛ رجال ونساء في الحلق ويقولون هذه هي الحضارات وخذ من هذا القبيل ممّا لا يُعدٌّ ولا يُحصى وهو موجود ولهذه القنوات أيضًا متابعون، ثمّ نسمع من بني جلدتنا من الذين يتحدّثون بألسنتنا من يفتح الباب على مصراعيه ويدعو الناس إلى ترك الإسلام وأن يختاروا ما يشاؤون تكفر يقول أكفر بس لا تكون سيّئ أدب لا تسبّ ديني ولا تسبّ النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- ولك أن تكفر الله يقول:﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ شوف الكذب على الله تبارك وتعالى، وتسمعه تارةً يقول: أنا لا أومن بحدّ الرّدّة الذي جاء عن رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- حيث يقول في الحديث الصّحيحلا يحلّ دم امرئ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث: الثيّب الزّاني، والنّفس بالنّفس، والتّارك لدينه المفارق للجماعة) فهذا الثّالث نصّ فيه رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- على إهدار دم هذا المسلم الذي ارتدّ وأباح دمه –صلّى الله عليه وسلّم- ويقول عليه الصّلاة والسّلاممن بدّل دينه فاقتلوه) يقول: أنا لا أومن بحدّ الرّدّة؛ من كفر بشيء ممّا جاء به رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- فهو كافر بإجماع العلماء تجد هذا في الفضائيات ومن أبناء جلدتنا يتحدّثون بألسنتنا ويقال عنه: الدّاعية وصدق الله تبارك وتعالى في هؤلاء :﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ القِيَامَةِ لاَ يُنْصَرُونَ﴾ فهذا وأمثاله من الدعاة إلى نار جهنّم الذين حذّرنا رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- منهم لأنّ من أجابهم إلى ما دعوا طرحوه في جهنّم والعياذ بالله والنّاس يسمعون، فأصبحنا الآن نسمع ونرى ونقرأ في الصّحف من هؤلاء المُجرمين الدّعوة إلى «حُرّية الدّين»؛ قبل كانوا يقولون: «حُرّيّة الرّأي» يسترونه قليلاً «حُرّيّة الكلمة»«حُرّيّة التّعبير» الآن انفلت الزّمام «حُرّيّة التّديّن»«حُرّيّة الاعتقاد» فيا لله العجب وهذا موجود؛ ويوجد هذا الباطل العظيم في هذه القنوات التي يُزعم لها أنّها إسلامية فأصبحنا نسمع ذلك.
معشر الإخوان: إنّ هذا الأمر الخطير الذي ابتلينا به أعظم والله من الأمر الأوّل وهو الفسق، وذلك أنّ الفاسق لا ينسب فسقه إلى الإسلام ولا إلى الدّين؛ إذا عصا قال: أدع الله لنا بالهداية؛ أمّا صاحب البدعة فإنّه يستميت في سبيل نشرها ونصرتها ويكتسح كلّ من أراد أن يقف في وجهه، ونحن في هذا الزمان معشر الإخوة الحضور قلّ الفقهاء جدًّا قلَّ عُلماء الشّريعة الصّادقون النّاصحون جدًّا
العلماء الذين يقال عنهم علماء يُصدر عن فتواهم أقلّ من القليل؛ للأسف.
فيا معشر الإخوان: الله الله في صيانة السّمع والبصر عن مثل هذه الفضائيات، الله الله في تنظيف البيوت من إدخال هذه الفضائيات فإنه لا يزال المرء يسمع لهؤلاء حتى ينسلخ من دينه فإن القلوب ضعيفة ولا يُؤمَن على الإنسان أن يزيغ قلبه، والله جلّ وعلا يقول لرسوله –صلّى الله عليه وسلّم- والخطاب لنا:﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾؛ ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾.
فيا معشر الإخوان: هذه الفضائيات بلاء عظيم ابتلينا به في الجانبين: جانب الأخلاق وجانب الدّين والعقائد ومن أصغى إلى هؤلاء افتتن، قال سفيان ابن سعيد الثوري –رحمه الله- الإمام الحبر العلمالبدعة أحب إلى إبليس من المعصية) وذلك أنّ المعصية يُتاب منها والبدعة لا يُتاب منها لأنّ صاحب البدعة يتديّن بها يراها دينًا يستميت في سبيل نشرها ونصرتها؛ أما تجد إنسان يقع في معصية تنصحه ولو كان من أفسق النّاس يستحي منك هذا الغالب على أهل الفسق؛ وأما إذا زدت في النصيحة له وحُسن الكلام ووعدته بحُسن السّتر فهذا يكاد يكون كالعريكة بين يديك حياءً لأنه لا ينسب فجوره إلى دين الله يعرف أنّه خطأ وباطل، أمّا صاحب البدعة فلا ولهذا صحّ في حديث أنسِ –رضي الله عنه- أنّ النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم-إنَّ الله احتجز التّوبة عن كلّ صاحب بدعة) كيف ؟ قال العلماء: لا يُوفّق لها لأنّه لا يطلب سبيل التّوبة لأنّه يرى ما هو عليه هو الدّين ويراك أنت المنحرف فانعكست المفاهيم فكيف يترك الدّين الذي هو عليه بخلاف الفاسق، رأيت شابًّا وقع في مغازلة امرأة سترت عليه نصحته ذاب حياء وخجلاً وخوفًا ويدعوك إلى أن تستر عليه ويقول: أدع الله أن يهدينا ويحاول بكل ما يستطيع أن يتخلص من هذا العار، أمّا ذا لا يتبجّح بما هو عليه ويُخطّأك أنت بل ويدعوك إلى مناظرته فهو ثابت على ما هو عليه على بدعته التي هو عليها. .
وفضائيات أخرى معشر الإخوة: تُروّج فيها لمساواة الأديان الباطلة والأديان المنسوخة بديننا دين الإسلام الذي جعله الله سبحانه وتعالى خيرَ الأديان وخاتمة الأديان ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ﴾﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾؛ ثُمّ بيّن من وليّ إبراهيم :﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلذِينَ اتَّبَعُوهُ﴾ يعني في عصره آمنوا به؛ ﴿وَهَذَا النَّبِيُّ وَالذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ﴾ فنحن أولى بإبراهيم أمّا اليهود فقد نفى جلّ وعلا أن يكون إبراهيم يهوديا وقد نفى جل وعلا أن يكون إبراهيم نصرانيا؛ فنحن مع إيماننا بالكتب السّماويّة السّابقة وبالدّيانات السّماوية السّابقة نؤمن بها كما أُنزلت لا كما بُدّلت وكما هو عليه اليوم حال أهلها؛ فنحنُ نؤمن بها كما أنزلت لا كما بدّلت، وإيماننا بها كما أنزلت أيضًا متبوع بإيماننا بأنّها قد نُسخت؛ يقول –عليه الصّلاة والسّلام-لو كان أخي موسى حيًّا ما وسعه إلاّ اتّباعي) وذلك حينما رأى مع الفاروق –رضي الله عنه وأرضاه- ورقة صحيفة من التوراة أخذها ليقترأها يقرأها فقال له –صلّى الله عليه وسلّم-أمُتهوّكون فيها يا ابن الخطّاب وقد جئتكم بها بيضاء نقية فوالله لو كان أخي موسى حيًّا ما وسعه إلاّ اتّباعي)، وعيسى –عليه الصّلاة والسّلام- كذلك قد بشّر بهذا النّبيّ ﴿ومُبَشّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِيَ اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾﴿لَقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ﴾ يُخبر الله جل وعلا عن هؤلاء بأنّهم كفار والنبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- يقولوالذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة –أمة الدّعوة- يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلاّ كان من أصحاب النّار) هذا هو الحكم عندنا نحن معشر المسلمين لا نداهن فيه ولا نطأطأ رؤوسنا نصرخ بذلك ونجهر به؛ وُجد اليوم من يقول في هذا القنوات الفضائية من يقول: إنه لك أن تتديّن باليهودية والنّصرانيّة وإذا تديّنت باليهودية والنصرانية فأنت قد اعتصمت بحبل الله الذي قال الله فيه:﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾ وللأسف يظهرون للنّاس بمظهر المشايخ فينطلي مثل هذا الكلام على الناس من قلّت بضاعته في علم الشّريعة انطلى عليه مثل هذا الكلام، فالواجب علينا معشر الإخوة والأبناء سدّ فإنه كما قال الله جلّ وعلا:﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ فنسأل الله العافية والسّلامة والثّبات على الحقّ والهدى.
وهناك نوع ثالث من الفضائيات مُخصّصا لأطفالنا في القصص والحكايات التي يحبها الصغار المُدبلجة على هيئة الحيوانات ويؤتى بهذه الألعاب الكرتونيّة فيجري على ألسنتها الكُفر لأنّها أُنتجت في مجتمعات كافرة فإذا تُرك الصّغار عليها سُحقت الإيمانيّات في قلوبهم؛ والصّغار إنما ينشؤون على ما نُشّئوا عليه والنبي –صلّى الله عليه سلّم- قد أخبر بذلككلّ مولود يولد على الفطرة) الفطرة هي الإسلام ﴿فِطْرَةَ اللهِ التِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ﴾ (خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشّياطين) (فأبواه يُهوّدانه أو ينصرانه أو يمجّسانه) فإذا قعد أمام هذه الفضائيات التي تهتم بهذا النّوع غُسلت عقول أبنائنا الصّغار وبناتنا الصّغار وغُيِّرت أفكارهم وزُلزلت عقائدهم التي تُربّيهم أنتَ عليها فالله الله معشر الإخوة بحفظ السّمع والبصر عن هذه الفضائيات والحذر كلّ الحذر منها وتطهير البيوت عنها.
والأمر الثّاني: لا يُسمع لكلّ من تكلّم؛ فإنّ الدّين يُعرف من هم أهله الصّادقون ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ أهل الذكر: هم العالمون بكتاب الله وسنة رسوله –صلّى الله عليه وسلّم-؛ قال -عليه الصّلاة والسّلام-إنّ الأنبياء لم يُورّثوا دينارًا ولا درهمًا وإنّما ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظّ وافر) وعلم رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- هو سُنّته فمن كان عالمًا بسُنّة رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- آخذًا به فهو الوارث الحقيقي؛ فحملة السُّنّة والآثار هو وُرّاث رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- يقول الإمام الحافظ أبو حاتم بن حبّان –رحمه الله تعالى- في صحيحه مُعلقًّا على هذا الحديثمن تعرّى –يعني من خلا- عن معرفة سُنّة رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- وحديث رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- فليس هو من ورّاث النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم-) وذلك لأنّ العلم الذي تركه هذا الكتاب والسُّنّة (..إنّه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا..) ما المخرج؟ (..عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين تمسّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ) فأمرنا –صلّى الله عليه وسلّم-: أوّلاً: بلزوم سُنّته؛ ثمّ أكّد ذلك بأمر ثاني قالتمسّكوا بها)؛ ثالثاعضّوا عليها بالنّواجذ) تمسّك بقوّة لأنّه سيأتي عليك زمان يوجد هناك من يغالبك يريد أن ينتزعك من السّنة ويخرج منها إلى البدعة؛ ثم أمرٌ رابع: (وإيّاكم ومحدثات الأمور) فإذا حذّرك بالمنطوق من البدع والمحدثات فدلالة المفهوم أنّك تلزم سُنّته –صلّى الله عليه وسلّم-.
ولا أطيل عليكم معشر الإخوة والأبناء الله الله مرّةً أخرى في الحذر من هذه الفضائيات وما سمعتم بردّة من ارتدّ إلاّ بفتح الباب هذا عليه على مصراعيه وهو خاوي الفؤاد فارغ القلب ليس لديه شيءٌ من العلم ويضاف إلى ذلك أن يسمع مثل دعاة الضّلالة هؤلاء يفتحون له باب الزّيغ والانحراف فينحرف فيقع في هذا المنكر العظيم، شاب غضّ طريّ 20 سنة 18 سنة وإذا به مُرتدّ؛ هو مؤاخذ مُكلّف بأسباب ماذا ارتدّ؟ بأسباب السّماع لمثل هؤلاء.
أسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحُسنى وصفاته العلى أن يجعلنا وإيّاكم جميعًا ممن سلك سبيل النجاة وعُصم من طريق الهلاك.
أسأل الله جلّ وعلا باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دُعي به أجاب أن يعصمنا وإيّاكم من مضلات الفتن وأن يحفظنا بالإسلام قائمين ويحفظنا بالإسلام قاعدين ويحفظنا بالإسلام نائمين راقدين وأن لاّ يجعلنا من الخزايا المفتونين إنّه جواد كريم.
وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأسئلة:
السّؤال:
وهذا يقول سائله أو كاتبه أشهد الله أنّنا نُحبُّكَ في الله
الشّيخ محمد: وأنا أقول له: أحبَّكَ الله الذي أحببتنا فيه، ويسأل عن نصيحة للشّباب الذين يخوضون في الكلام في السّياسة بعد مشاهدتهم للفضائيات هذه؟
الجواب:
أقول:
الكلام قد سمعتموه ولا نطيل مرّةً أخرى ونعيد؛ أقول: يجب على الشباب أن يتحصّنوا أوّلاً بالعلم؛ وثانيًا: لا يُمكّنوا أسماعهم من هذه الفضائيات التي يُوجد فيها المنحرفون وأصحاب الأهواء فإنّ هؤلاء قديمًا كانوا في الكاسيتات في محاضراتهم التي حرفت كثيراً من الشّباب أيّام غزو العراق للكويت ولا نزال نعيش آثار هذه الشّنائع إلى يومنا هذا، فكم من الشباب في السّجون ممّن تأثّروا بهؤلاء لا يزالون إلى يومنا هذا بسبب سماعهم لهؤلاء ولمحاضراتهم في الكاسيتات فانتقلت الآن محاضراتهم إلى الفضائيات فَلْيحذر الشّباب من هؤلاء الدّعاة فإنَّ الدّعاة الحقيقيّين هم أهل البصيرة كما قال الله جل وعلا مخاطبًا عبده ورسوله وخاتم أنبيائه –صلوات الله وسلامه عليه:﴿قُلْ..﴾أي: يا نبيّ الله قل للأمة ﴿..هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ والبصيرة هي العلم، فهؤلاء الشّباب الذين لا بصيرة عندهم يقودهم هؤلاء إلى الأفكار الضّالّة والعقائد المُنحرفة المخالفة لما عليه السّلف الصّالح في هذا الجانب فيظنّون أن كلامهم حقّ بينما لو سمعه العالم أو طالب العلم المُتمكّن لأخرج له فيه مائة وجه من الفساد والانحراف عمّا جاء به رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-، فما كل أحد يدرك هذا معشر الإخوة فأنا أنصح أبنائي الشّباب بالحذر من هذه القنوات التي ذكرها السّائل.
السّؤال:
وهذا يقول نُحبّكم في الله
الشّيخ محمد: أحبَّك الله الذي أحببتنا فيه، يقول: حفظكم الله: المصيبة فيمن يُؤوّل أحاديث السّمع والطّاعة على غير معناها ويتّبعه الكثير ويقول: حديثإن جلد ظهرك وأخذ مالك..) إنّما هو على الفهم الخاص فكيف يُوجّه الناس في هذه الحالات؟
الجواب:
هذا عرفته وسمعت بهذا الكلام؛ هذا كذّابٌ على الله ورسوله جاهل صاحب هوى لا يُنظر إليه فإنّ الأحاديث التي جاءت عن رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- مُتظافرة كلّها في وجوب السّمع والطّاعة لأئمة المسلمين وإن جاروا وظلموا هذا كلام أهل الإيمان والعرفان بسُنّة رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- وقد أمرنا عليه الصّلاة والسّلام بالسّمع والطّاعة لهم فأصلح ما يُردّ به على هذا الكذّاب الجاهل صاحب الهوى قوله –صلّى الله عليه وسلّم- لمّا قيل له يا رسول الله كيف إذا ولي علينا أمراء يسألوننا حقّهم –يعني: السّمع والطّاعة- ويمنعوننا حقّنا؟ قال: أدّوا إليهم حقّهم وسلوا الله حقّكم أنتم؛ قال للنبيّ –صلّى الله عليه وسلّم-: أفلا ننابذهم بالسّيف؛ فقال: لا ما أقاموا الصّلاة)، والإمام أحمد -رحمه الله تعالى- قد ناظر فقهاء بغداد أيام المأمون والمعتصم والواثق ناظرهم في قضية الخروج عليه لما امتحن النّاس بالقول بخلق القرآن وردّهم في ذلك وقال لهم حينما قالوا: لا سمع له ولا طاعة قاللا؛ هذا خلاف الآثار إنّا نجد في الآثار ما صلّوا فلا الله الله في دماء المسلمين كفّوا دماء المسلمين) وأخذ يُعظّم الدّماء –رحمه الله تعالى- حتّى أثناهم عن ذلك، وبيّن لهم الفهم الصّحيح في هذا –رحمه الله تعالى-، فهؤلاء لا شكّ أنّهم مخالفون لما كان عليه أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- ولما كان عليه التابعون وأتباعهم بإحسان من أئمة الهدى والدّين –رحمهم الله تعالى جميعًا-؛ فقوله هذا القول هذا قولٌ باطل ولا يُؤخذ عنه ولله الحمد قد سرّنا أن ردّ على مثل هؤلاء الضُلاّل أساطين حملة الشّريعة وعلماء الإسلام فقد ردّ على مثل هذا وأمثاله المُفتي –جزاه الله خيرًا- وصاحب الفضيلة الشّيخ العلاّمة الدّكتور: صالح بن فوزان الفوزان –حفظهم الله أجمعين- فقد ردّوا على هذا وبيّنوا جهله فلله الحمدُ والمِنّة.
السّؤال:
وهذا يقول: هل من ردّ وتعليق على الكُبيسي الذي طعن في معاوية –رضي الله عنه- وكذلك ما جاء في كلام العواجي بأنّه نقد الصّحابة والتّابعين وأنّ عبارة السّكوت عمّا شجر بينهم ليست قرآنًا مُنزّلاً.
الجواب:
نعم؛ الكُبيسي مُنحرف من المنحرفين على ضلالة –عياذًا بالله من ذلك- فإنّه قد بلغني عنه أنه يقول: كلّ بلاء وفتنة في الأمة سببها معاوية –رضي الله عنه- كاتب الوحي أمين رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- على الوحي وصهر رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- ولم يكن في زمانه حين ولي الخلافة من هو خيرٌ منهُ وقد أجمع على ذلك أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- فالطّعن فيه طعن في أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- الذين أجمعوا على إمامته وولايته وخلافته ومدحوه المدحَ العظيم –رضي الله تعالى عنه وأرضاه- ولكن ليس بغريب عن الكبيسي أن ينهج نهج إخوانه الرّوافض الذين يطعنون في أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- وخاصّةً معاوية –رضي الله تعالى عنه-، وأمّا العواجي ليس هو من أهل العلم لا في قليل ولا كثير ولا قبيل ولا دبير ولا هو في العير ولا في النّفير رجل أجنبي عن العلم الشّرعي فمثل هذا ما يأخذ عنه إلاّ من كان جاهلاً والمقصد من كلام السّلف –رضي الله تعالى عنهم- حينما قالواالسّكوت عمّا شجر بين الصّحابة –رضي الله عنهم-) وذلك لسلامة القلوب نحوهم –رضي الله عنهم- فإنّ الله جلّ وعلاَ قد رضي عنهم أفلا يسعك أن ترضّى عنهم وقد رضي الله عنهم؟ رضي الله عنهم وأرضاهم، الطّعن بمن طعن بهم أولى وهو زنديق، يقول الإمام أحمد –رحمه الله تعالى- مبيّنا ذلك كما في عقيدة حرب الكرماني –رحمه الله تعالى- التي نقلها عن أحمد وغيره (من طعن في واحد من أصحاب رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- أو عرّضَ بعيبه والطّعن فيه فهو زنديق وعلى الحاكم المسلم أن يُخلّده الحبس يستتيبه فإن تاب وإلاّ خلّده السّجن حتّى يموت) هذه فتوى أحمد –رحمه الله تعالى ورضي عنه-، ولكن كما قلت لكم: هذه القنوات في هذا الزّمان أصبح كلّ واحدٍ يتكلّم فيها ويهرف بما شاء.
نسأل الله العافية والسّلامة.
ولعلّنا نختم بهذا والله أعلم.
وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبيّنا محمد.اهـ
24 / جمادى الثانية / 1445هـ
جزاكم الله خيرا .
ولعل قنوات البدع واهلها قد كثرت فالحذر الحذر.