من فضلك استاذتي الكريمة قيمي لي هذه المقالة واجرك على الله……………………..مقــدمة :
إن الإبداع يقوم على تخيل صور وأفكار تؤدي إلى إنشاء مركبات جديدة مستمدة من مواد قديمة ، وإذا كان الإشكال لا يطرح حول طبيعة الإبداع فإنه مطروح حول شروطه ، هاته الأخيرة كانت محل إختلاف بين العلماء و الفلاسفة المهتمين ، فمنهم من ركز على الشروط الإجتماعية و منهم من ركز على الشروط النفسية .
و السؤال المطروح ، هل التخيل الإبداعي هو نتاج للمحيط الإجتماعي أم هو حصيلة العوامل النفسية و العاطفية للمبدع .؟
التحليل ( محاولة حل الـمشكل )
أولا : عرض الأطروحة
الـمــوقف: ذهب الكثير من علماء الإجتماع و على رأسهم " دوركايم" إلى القول بأن المبدع لا يستمد مادة إبداعه إلا من واقعه الإجتماعي .
الحجــة : و يؤكد " دور كـايم " بأن العملية الإبداعية مهما تعددت محالاتها تتحكم فيها شروط إجتماعية و التي من بينها ( حاجة المجتمع ) ، والتي تكون بمثابة الدافع و الحافز للمبدع في إبداعاته ، فلولا المجتمع لما أبدع الإنسان ولو كان كائنا وحيد لما أبدع.
إن الإبداع يعتبر تراثاً إجتماعيا تتناقله الأجيال وما دام الفرد من صنع المجتمع فلا بد أن تكون سلوكاته من نتاج المجتمع ، إن الفنانين و العلماء لا يبدعون لأنفسهم و إنما يبدعون وفق ما يحتاج إليه المجتمع .
يقول الفرنسي " باستور " : ( إن الأفكار الخصبة هي بنات الحـاجة ).
إن الحاجة إلى الإبداع لها عـلاقة وطيدة بالحياة الإجتماعية و متطلباتها و لهذا يقال ( الحاجة أم الإختراع ).
إن المناخ الإجتماعي يلعب دوراً أساسيا في عملية الإبداع فإذا هيأ المجتمع الشروط و الظروف للمبدعين يكون هناك إبداع حقيقي و العكس صحيح.
مثلا: الدول التي تهيأ مناخ الإبداع هي دول رائدة مثلما هو الحال في اليابان و الولايات المتحدة .
إن المجتمع هو الذي يمنح لمبدعيه الأدوات و الوسائل الضرورية للإبداع مثل المكتسبات الثقافية كاللغة ، والعادات و التقاليد ، فلا يستطيع أي إنسان مهما كانت مواهبه أن يبدع في ظل غياب المناخ الإجتماعي يقول " دور كايم " : ( المبدع هو الذي يمتلك القدرة و يتمتع بحسيس حالة الجمهور).
فالإبداع ينمو بصفه حتمية إذا كانت حالة العلم تسمح بذلك فقيم المجتمع و معاييره هي الشرط الأساسي للإبداع كما أن حاجات المجتمع و مشاكله تجعل من الإبداع حتمية إجتماعية ، وحاجة الناس لمقاومةالمرض دفعت باستور لإكتشاف المضادات الحيوية .
فكل تراث فني أو علمي شاهد على روح العصر كما أن تحرير الأفراد من أساليب التقليد و السيطرة الفكرية ينشئهم على حرية التفكير و بالتالي الإبـداع.
نقـد الأطروحة :
لا يمكن إنكار دور المجتمع في العملية الإبداعية ولكن ليس كل الدور ، فالإبداع لا يخلوا من سمات نفسية و عاطفية .
عرض نقيض الأطـروحة:
الـموقف: يذهب الكثير من علماء النفس إلى القول بأن الإبداع ليس ظاهرة عامة منتشرة في المجتمع و إنما هو ظاهرة خاصة نجدها عند بعض الأفراد الـمبدعين ومن بين القائلين برغسون، فرويد، بوارل، بوانكاري ، فلهم قدرات عقلية من ذكاء و ذاكرة وخيال و خصائص نفسية تهيئهم لوعي المشاكل القائمة . و توليها
الـحجة ان، حالات الإبداع و الإختراع هي نتاج تفكير فردي واعي وهذا ما أشار إليه " بوان كـاري " بقوله : ( الحظ يحالف النفس المهيأة )
و في رأي " فرويد " يعود الإبداع إلى اللاشعور حيث يقول ( إن الإبداع مصره اللاشعور إنه تنفيس عن مكبوتات و ذكريات أليمة ).
وترى المدرسة الجشطالتية : أن الإبداع هو القدرة على إعادة تركيب الصور و المواقف و هي قدرة ذاتية يتميز بها بعض الأشخاص دون غيرهم ، فالمبدع هو الذي يهتم بمشكلات الواقع و المجتمع أكثر من غيره ، فللإبداع أصول نفسية كالإنتباه و التركيز و الإنشغال كما أن للجانب الإنفعالي في نظر برغسون هو الدور الأساسي في الإبداع حيث يقول : الـمبدعون لا يبدعون في حالة جمود الدم و إنما في جو حماسي و تيار ديناميكي تتلاطم فيه الأفكار.
يذهب علماء النفس إلى التأكيد بأن العملية الإبداعية تعود إلى شروط نفسية متعلقة بذات المبدع و التي ترتكز على ثلاث جوانب ( الجانب العقلي – الجانب الإرادي – الجانب الإنفعالي ) .
الجانب العقـلي : و الذي يتعلق بمختلف القدرات العقلية (ذاكرة قوية ملاحظة ثابتة ، سرعة البداهة ، قوة الإدراك ، الإلهـام).
الجانب الإرادي : يتمثل في قوة العزيمة و إستمرارها لأن عملية الإبداع طويلة و شاقة مبنية على المعانات الدائمة.
الجانب الإنفعالي : يتعلق بالميل و الرغبة و الإهتمام لإيجاد حلول لمشكلات مطروحة يقول الفرنسي " بوارال " ( لكي يكون هناك إبداع يجب أن تكون هناك مشكلة أمام الباحث).
لل
عملية الإبداعية أصول نفسية عميقة يقول " برغسون " ( إن العظماء يتخيلون الفروض و الأبطال و القديسين الذين يبدعون المفاهيم الأخلاقية ، لا يبدعونها في حالة حمود وإنما في جو حماسي و تيار ديناميكي تتلاطم فيه الأفكـار.
نقيد نقيض الأطروحة :
إن الإبداع لا يعتمد على الشروط النفسية فقط ، بل يجب أن تتوفر العوامل الإجتماعية أيضاً .
التركيب ( تهذيب التعارضي ) :
مهما كان تأثير المجتمع في قدرات المبدع فإن قابلية الفرد تبقى قائمة ، لأن حركية الإبداع الفردي ترتبط بحرية المجتمع فالإنسان يولد بإستعدادات نفسية و عقلية ولا تنمو بشكل طبيعي إلا إذا إتصلت بنظم إجتماعية محافظة على حرية التفكير فالإبداع يقوم على مدى تفاعل العوامل الإجتماعية و النفسية و العقلية ، فالشروط الإجتماعية كالتطور العلمي و الإقتصادي تهيؤ الناس للإبداع و الكشف عن مواهبهم .
الخاتمة حل الـمشكــل :
إن عملية الإبداع تقوم على الشروط النفسية لأن الإبداع تجسيد لما يختلج في النفس من معاني وصور ، ولكن تحقيقه يحتاج إلى مناخ إجتماعي و حضاري لأن الإبداع ليس مجرد إلهام مفاجئ يحظى به بعض الأفراد في المجتمع بل هو ظاهرة فردية تضرب بأعماق جذورها في الحياة الإجتماعية التي منها يأخذ المبدع مادته فالإبداع يستمد حيويتة من ميول الفرد ، ويستمد مادته من حاجة المجتمع .
وعليه فالإبداع يكون بالتكامل بين العوامل الإجتماعية و النفسية .