الرؤيا والكشف والإلهام
د.محمد رضا بشير القهوجي
الرؤيا :
قال الله تعالى : ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ) [يونس:64]
قيل : هي الرؤيا الحسنة يراها المؤمن ، وورد مرفوعاً عن أبي الدرداء قال : سألت النبي (( صلى الله تعالى عليه وسلم)) عن هذه الآية ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ) قال : (( ما سألني عنها أحد قبلك ، هي الرؤيا الحسنة ، يراها المرء أو ترى له )) رواه الترمذي برقم 2274.
وقالت عائشة رضي الله عنها : أول مابدئ به رسول الله (( صلى الله تعالى عليه وسلم)) من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح .
وقال تعالى : ( وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ) [يوسف :6] أي علم الرؤيا .
والرؤيا ثلاثة :
أ- رؤيا بشرى من الله تعالى ، وهي الرؤيا الصالحة ( وهي جزء من ست وأربعين من النبوة )
ب- ورؤيا من الشيطان ، كالتي توجب الغسل .
ت- ورؤيا مما يحدث به المرء نفسه كالهواجس .
ث- والرؤيا الحق : خمسة أقسام :
1 – الظاهرة وهي جزء من النبوة ( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ )[ الفتح : 2]
وذلك حينما سار إلى الحديبية ، (( رأى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم)) في منامه أنه وأصحابه دخلوا المسجد الحرام آمنين ، غير خائفين ، يطوفون بالبيت ، ويحلقون رؤوسهم .. ومثل : رؤيا إبراهيم عليه السلام (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) [ الصافات 102] .
2 – ومن الرؤيا بشارة من الله تعالى ، أو زجرة عن شيء .
3 – ومنها ما يريه ملك الرؤيا – على حسب علمه تعالى – مما في علم الكتاب . كمن يرى أن فلانا يريد قتله ، أو يسمه ، أو يأخذ ماله . فيحذر حينئذ من ذلك، فإذا الأمر كما كان في الرؤيا .
4 – الرؤيا التي شاهدها : [فهذه تؤول] .
كمن يرى نفسه داخل الحمام : لا تدخله الملائكة . وهو مكان كشف العورات .. والرقص فحش وبذاءة ، والمسجد محفوظ ، لا تدخله الشياطين فيؤول كل ذلك ، وهو ما يسمى بالتعبير .
والرؤيا لا تخص المؤمن ، بل الكافر ، والطاهر ، والحائض ، والجنب .. والكبير والصغير فمثلا ً :
1- يوسف عليه السلام رأى رؤيا وهو ابن سبع سنين : ( إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ4 قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ5 وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ ) [ يوسف:4-6] وقد يرى الإنسان الرؤيا لنفسه ، وقد يراه وهو لغيره من الأقارب أو غيرهم : فقد رأت أم الفضل : بضعة من جسد النبي ( صلى الله تعالى عليه وسلم) قد قطعت ووضعت في حجرها . فقال لها رسول الله متيمِّنا ً : ستلد فاطمة رض الله عنها غلاما ً ، وتأخذيه في حجرك . فكان ذلك حيث ولدت الحسن رضي الله عنه .
والرؤيا على رجل طائر ما لم يحدِّث بها ، فإذا حدّث وقعت ، ولذا يجب عدم عرضها على من لا علم له :
ففرعون مصر حينما قص رؤياه على معبري بلده : قالوا أضغاث أحلام . وحينما قصها على يوسف عليه السلام ، فهم منها فهماً عجيبا ً ، وتدارك الأمر ، فكان خيراً للبلد والأمة أجمعين والذي يرى في منامه ما يكرهه : فليكتم ذلك ، ويتفل عن يساره ، وليقل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، اللهم إني أعوذ بك من شره ، وأدرأ بك في نحره / ثلاثاً فلا تضره . أو يقول : اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ، فاصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت . ومن الشر أن يرى نفسه ما لا يرى : كالذي ادعى أنه وضع الخبز على رأسه فأكلت منه الطير ، قال ذلك ساخراً للذي رأى انه يسقى الملك … وكانا في السجن مع يوسف عليه السلام .. فجرى تعبير رؤياه وبالا ً وكيداً عليه ( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ )[يوسف:41] فالرؤيا نوع من الكرامات ..ولقد رأت – صفية – عمة رسول الله (صلى الهُ تعالى عليه وسلم) قبيل معركة بدر رؤيا ، وفيها أن صارخا ً على جبل أبي قبيس ، صرخ ثلاث مرات ، ثم أرسل صخرة عظيمة ، فتفتت ، ودخلت هذه الأجزاء بيوتات قريش .
وقال (صلى الله تعالى عليه سلم) ((الرؤيا من الله والحلم من الشيطان )) ومن (( رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي ))
ولقد رأى يوسف عليه السلام وهو فتى ، رؤيا ، أن أحد عشر كوكباً رآهم قد سجدوا له مع الشمس والقمر ..
ورأى ملك مصر رؤيا لم يعبرها له إلا (يوسف عليه السلام ) . وقد تحقق كل ذلك وجاء مطابقاً للتعبير .
وتحقيق الرؤيا : خواطر ترد على القلب ، وأحوال تتصور في الخيال ، إذا لم يستغرق النوم جميع الاستشعار . فيتوهم الإنسان عند اليقظة أنه كان رؤية في الحقيقة ، وإنما كان ذلك تصورا ً وخيالات تقررت في قلوبهم ، وحين زال عنهم الإحساس الظاهر ، تجردت تلك الأوهام عن المعلومات بالحس والضرورة ، فقويت تلك الحالة عند صاحبها . فإذا استيقظ ضعفت تلك الأحوال التي تصورها ، بالإضافة إلى حال إحساسه بالمشاهدات ، وحصول العلوم الضرورية .
ومثاله : كالذي يكون في ضوء السراج عند اشتداد الظلمة ، فإذا طلعت الشمس عليه غلبت أشعة الشمس ضوء السراج ، فمثال حال النوم كمن هو في ضوء السراج..
ثم إن هذه الخواطر : قد تكون شيطانية أو هواجس نفسية ، أو خواطر ملك أو تعريفا ً من الله عز وجل بخلق تلك الأحوال في قلبه ابتداء . قال تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام : ( يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ) [ الصافات : 102] ب – الكشف :
هو نور ينكشف معه الحجاب المادي والحسي ، وتتولى القلوب والأفئدة هذا الكشف ، وتنعكس الأبصار في البصائر ، فتمحى الأزمنة والأمكنة ، والمسافات ولا يكون هذا الكشف إلا للمتقين..الذين غضوا أبصارهم عن المحرمات ، وكفوا أنفسهم عن الشهوات ، وعمروا باطنهم بمراقبة الله ، وأكلوا الحلال ، فزكت نفوسهم وكما قال الغزالي في الإحياء : إن جلاء القلب وإبصاره يحصل بالذكر ، ولا يتمكن منه إلا الذين اتقوا . فالتقوى : باب الذكر ، والذكر باب الكشف ، والكشف باب الفوز بلقاء الله .
وأصل الكشف ثابت بالقرآن الكريم وفي السنة ، وعند الصحابة . الكشف في القرآن : 1 – في قصة موسى والرجل الصالح : انكشف للرجل الصالح ما لم ينكشف لأصحاب السفينة ، فسيعمد ملك ظالم إلى غصبها بدون مقابل . وأفضل طريقة لخلاصها لهم أن يعيبها . وكذلك الغلام .. فقتله رحمة بأبويه المؤمنين استجابة لإرادة الله عز وجل ، وكذا الجدار الذي تحته كنز مخبأ لغلامين يتيمين .
2 – وقال تعالى ( وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) [ الأنعام : 75 ]. لاشك (نُرِي) بمعنى الكشف . 3 – نهى الله المؤمن عن النظر إلى المرأة . وعن المعاصي حتى لا تنطفئ نور بصيرتهم فقال : ( وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ ) [ التوبة : 87 ] و ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) [ المطففين: 14 ] . وأما في السنة :
آ – في الصحيح عن أنس رضي الله عنه ..من حديث مطول (( لولا مخافة أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب هؤلاء في قبورهم مثل الذي أسمع )) .
ب – عن أنس رضي الله عنه قال : أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول لله ( صلى الله عليه وسلم) بوجهه فقال : ((أقيموا صفوفكم ، وتراصوا ، فإني أراكم من وراء ظهري )) .
وأثناء معركة مؤتة في بلاد الشام والنبي (صلى الله تعالى عليه وسلم) في المدينة ، نعاهم رسول الله (صلى الله تعالى عليه وسلم) إلى الناس قبل أن يأتيهم الخبر ، فقال : (( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذها عبد الله ابن رواحه فأصيب ، ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح عليه ))
ج. وقال (صلى الله تعالى عليه وسلم) ((اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ))
جـ – وأما عند الصحابة :
1- عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان نحلها جداد عشرين وسقاً من ماله بالغابة . فلما حضرته الوفاة قال : والله يا بنية ، ما من الناس أحب إلي غنى بعدي منك ، ولا أعز علي فقراً بعدي منك ، وإني كنت قد نحلتك جداد عشرين وسقاً فلو كنت حزتيه ، كان لك ، وإنما هو اليوم مال وارث ، وإنما هو أخواك وأختاك ، فاقتسموه على كتاب الله . قالت عائشة : يا أبتي والله لو كان كذا ، وكذا ، لتركته . إنما هي أسماء فمن الأخرى ؟ ليس لي أخت غير أسماء ، فأين الأخت الأخرى ؟ فأجابها أبو بكر رضي الله عنه : ذو بطن أراها جارية ، فكان كذلك ، قال التاج السبكي رحمه الله : فيه كرامتان لأبي بكر رضي الله عنه :
– إخباره أنه يموت في مرضه ذاك من قوله ((إنما هو اليوم مال وارث ))
– إخباره بمولود يولد له : وهو جارية .
2 – وفي عهد عمر رضي الله عنه ، كان سارية بن زنيم الخلجي أميراً على جيش المسلمين في بلاد فارس قرب نهاوند ، وعمد الفرس إلى محاصرتهم ولو لم يحموا أنفسهم بجبل قريب لهلكوا ..
صعد أمير المؤمنين المنبر في المدينة ، وهتف (( يا سارية الجبل الجبل)) فكشف الله له الحجاب عن وضع المسلمين وعن النجاة ، وأوصل الله تعالى الصوت للجيش كرامة لعمر رضي الله عنه .
3 – دخل رجل على عثمان رضي الله عنه فقال له عثمان : (( يدخل أحدكم وفي عينيه أثر الزنا ؟ فقال الرجل أوَحْيٌ بعد رسول الله ؟ قال : لا ولكنها فراسة المؤمن . وكان الرجل قد لقي امرأة في الطريق فتأملها ..))
د – وقال ابن خلدون في مقدمته : المجاهدة ، والخلوة ، والذكر ، يتبعها غالباً : كشف حجاب الحس ، والاطلاع على عوالم من أمر الله ، ليس لصاحب الحس إدراك شيء منها ، والروح من تلك العوالم .
وسبب هذا الكشف : أن الروح إذا رجعت عن الحس الظاهر إلى الباطن ، ضعفت أحوال الحس، وقويت أحوال الروح، وغلب سلطانة ، وأعان علية الذكر فإنه كالغذاء لتنمية الروح ، ولا يزال في نمو وتزايد ، إلى أن يصير شهودا ً، ويكشف حجاب الحس ويتم صفاء النفس – وهو عين الإدراك
3 – الإلهام :
هو ما يلقى في الروع بطريق الفيض . وقيل : هو ما وقع في القلب من علم . والإلهام : يدعوا إلى العمل من غير دليل ، ولا نظر في حجة .
والإلهام : إما أن يكون من قبل الله تعالى مباشرة ، أو من قبل الملائكة ويفهم منه أمر أو نهي .
مثاله : ما أخبرنا الله به عن موسى عليه السلام ، حينما خافت عليه من بطش فرعون وجنوده ، فألهمها الله بأن تجعل وليدها في صندوق وتلقي بالصندوق في بحر النيل ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي )[القصص: 7] ، فالوحي هنا بمعنى الإلهام ،ونظيرة (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ) [المائدة: 111] والإلهام بواسطة الملائكة فكثير ..فهناك الكثير ممن كلمتهم الملائكة فممّا ورد في القرآن (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)[آل عمران:42] والحديث ((أن رجلا ً زار أخا ً له في قرية أخرى فأرصد الله تعالى على مدرجته ملكا ً، فلما أتى عليه ، قال : أي تريد ؟ قال : أريد أخا ً لي في هذه القرية ، قال هل لك عليه من نعمة تردها عليه ؟ قال : لا غير أني أحببته في الله تعالى . قال : فإني رسول الله إليك ، بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه)) وقال تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (( 30 )) نحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ )[ فصلت:30-31]
ويختلف الإلهام الذي هو من الله ، عن (الهاجس) الذي هو من حديث النفس وعن الوسواس الذي هو من الشيطان .
وإذا كان الخطاب من الله تعالى ، فمكانه ((القلب)) وهو ما يدعى ((بالخاطر)) وإن كان بواسطة الملك ، فيُعلم صدقة بموافقة الشرع . وإن كان بواسطة الملك . فيُعلم صدقه بموافقة الشرع .
الطريق المؤدية للإلهام :
أفضل الطرق المؤدية للإلهام : التزام الشرع في الأمر والنهي ، والبعد عن الشهوات ، والتقرب إلى الله بمزيد الطاعات والعبادات والمجاهدات . قال عز وجل : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين )[العنكبوت69]
( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )[البقرة:282]
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً )[الانفال: 29]
( وَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا )[الكهف:65]
والمراد من العلم اللدني : هو ما حصل عن طريق الإلهام بدون تكلف أو طلب ، وهو ما منَّ الله به على قلوب أوليائه من المعارف التي يتحقق بها الإصلاح للخلق . ويرى الغزالي رحمه الله أن مجاهدة النفس طريق الإلهام .
ويستدل على ذلك بشواهد الشرع والتجارب والحكايات بقوله تعالى : ( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ) [الزمر : 22] فالمراد بـ(يشرح صدره) التوسعة الصدرية ، والانشراح للنور المقذوف به في القلب من رب العالمين .
وجاء في الحديث : (( إن من أمتي محدَّثين ، ومُعَلَّمين ، وُمكَلَّمين ، وأن عمر منهم )) والمحدث : الملهم الذي ينكشف له باطن قلبه ، لا من جهة المحسوسات. ( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) [الزمر:22] .
ويقول : والتقوى : مفتاح الهداية والكشف ، وذلك علم من غير تعلم كما ظهر على الصحابة والتابعين .
والخلاصة : إن الخاطر والإلهام والكشف والرؤيا.. لابد أن تكون موافقة للشرع ، وأن لا تخالف حكما ً شرعيا ً، ولا منشئة له ، وهذه من الفيوضات الإلهية يهبها من يشاء من عباده ، لذا : لابد قبل كل شيء : التفقه بالدين ، وتحصيل العلوم الشرعية ، ثم التجمل والتخلق بأخلاق الشرع ، والابتعاد عن الشبهات .
المصدر : نظرات في التصوف الإسلامي
اهتم المسلمون بدراسة الاسلام والايمان ولكنهم غفلوا عن مقام الاحسان والذين تناولوه من المتصوفة اكثرهم شرق به وغرب وزاد وانقص ورغم ذلك فالعدول من اهل الزهد والورع و التصوف كثر والحمد لله نسال الله ان يردنا الى دينه ردا جميلا
الاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك
الاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك
|
بارك الله فيك
الصوفية أو التصوف وفق الرؤية الإسلامية ليست مذهبًا، وإنما هو أحد أركان الدين الثلاثة (الإسلام، الإيمان، الإحسان)، فمثلما اهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام، وعلم العقيدة بالإيمان، فإن التصوف اهتم بتحقيق مقام الإحسان[1] (وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)[2]، وهو منهج أو طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله، أي الوصول إلى معرفته والعلم به[3]، وذلك عن طريق الاجتهاد في العبادات واجتناب المنهيات، وتربية النفس وتطهير القلب من الأخلاق السيئة، وتحليته بالأخلاق الحسنة. وهذا المنهج يقولون أنه يستمد أصوله وفروعه من القرآن والسنة النبوية واجتهاد العلماء فيما لم يرد فيه نص، فهو علم كعلم الفقه له مذاهبه ومدارسه ومجتهديه وأئمته الذين شيدوا أركانه وقواعده – كغيره من العلوم – جيلاً بعد جيل حتى جعلوه علما سموه بـ علم التصوف، أو علم التزكية، أو علم الأخلاق، فألفوا فيه الكتب الكثيرة بينوا فيها أصوله وفروعه وقواعده، ومن أشهر هذه الكتب: الحِكَم العطائية للإمام ابن عطاء الله السكندري قواعد التصوف، للشيخ أحمد زروق، وإحياء علوم الدين للإمام الغزالي، والرسالة القشيرية للإمام القشيري و من جوامع الكلم للإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم وغيرها.
انتشرت حركة التصوف في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة متنوعة معروفة باسم الطرق الصوفية. والتاريخ الإسلامي زاخر بعلماء مسلمين انتسبوا للتصوف مثل النووي والغزالي والعز بن عبد السلام كما القادة مثل صلاح الدين الأيوبي ومحمد الفاتح والأمير عبد القادر وعمر المختار وعز الدين القسام.
نتج عن كثرة دخول غير المتعلمين والجهلة في طرق التصوف وما نتج عن ذلك من [محل شك] ممارسات خاطئة عرّضها في بداية القرن الماضي لهجوم المتعلمين في الغرب باعتبارها ممثلة للثقافة الدينية التي تنشر الخرافات، ثم بدأ مع منتصف القرن الماضي الهجوم من قبل المدرسة السلفية باعتبارها بدعة دخيلة على الإسلام
بــــــــــــــــــارك الله فيكم
قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
( عينان لا تمسهما النار أبداً : عينٌ بكت من خشية الله
وعين باتت تحرس في سبيل الله ) .
( سبعةٌ يظلهم الله في ظله يوم لا ظلّ إلا ظلّه )
وذكر منهم
( ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه )
( ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين:
قطرة دموع من خشية الله ،
وقطرة دم تراق في سبيل الله ،
وأما الأثران :
( فأثر في سبيل الله ، وأثر في فريضة من فرائض الله )
وقال أيضا رسولنا الكريم:
قال الله سبحانه وتعالى :
(وعزتي لا أجمع على عبدي
خوفين ولا أجمع له أمنين إن أمنني في الدنيا أخفته
يوم القيامة وإن خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة )
كيف يكون وقت المسلم مباركًا ؟
للشيخ/ خالد بن عبد الرحمن الحسينان (حفظه الله)
رمضان 1445 هـ – 8/2016 م
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه وأشهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله, أما بعد:
فهذا اللقاء جعلت له عنوان وهو: كيف يكون يوم المسلم عليه بركة, كيف يكون يومك له قيمة, له وزن؟
أيها الأحباب الكِرام كثير من الناس لا يهتم في وقته ونحن المسلمين شعارنا في حياتنا اليومية “لا للفوضوية في حياتنا” المسلم ليس فوضويًّا في حياته بل المسلم لا بد أن يحافظ على وقته, والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: “نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصحة والفراغ”.
وجدنا أيها الأحباب الكِرام أفضل وأحلى وأجمل وأروع وأسهل طريقة للحفاظ على يومك تريد أن يكون يومك عليك بركة له قيمة له وزن أن يكون لك برنامج يومي أو خطة عمل, الآن أهل الدنيا أهل المليارات والشركات يجعلون لهم خطة عمل وبرنامج, كذلك لا بد أن يكون لك هناك أعمال يومية, تجعل مثلًا على سبيل المثال أنك كل يوم تقرأ جزء من القرآن هذا مما يعينك على استثمار وقتك.
أضرب لكم مثال سهل ويسير وبسيط جدًّا يجعلك تستثمر وقتك ويكون يومك عليك بركة, هذا مثال واحد, أفضل طريقة كما قلنا وأجمل وأحسن طريقة أنك تجعل لك واجبات يومية, هذه الواجبات اليومية وهذه المهمات هي تجعل يومك عليك بركة, أضرب لكم مثال, مثال واحد, أن تقول مثلًا على سبيل المثال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله, هذه خمس كلمات, أن تقولها ألف مرة على سبيل المثال, والإنسان قد يزيد ولكن تقول كحد أدنى تقولها أقل شيء ألف مرة, طيب لا تقولها دفعة واحدة أعطيكم طريقة جميلة أنك تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله في اليوم ألف مرة, لو قلنا لأحدكم هل يستطيع أن يقولها في اليوم ألف مرة؟ يقول كيف في اليوم ألف مرة لا أستطيع, لكن هناك طريقة حلوة وجميلة وغير معقدة وغير مملة لأنها دفعة واحدة تقولها قد يستثقلها الإنسان بعد أسبوع أو عشرة أيام أو أسبوعين يشعر الإنسان بالملل والتثاقل, والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: “أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ”, هناك طريقة جميلة وحلوة وغير متعبة وغير مملة, أن تقول على سبيل المثال بين كل صلاتين مائتي مرة, يعني بين الفجر والظهر مائتي مرة عندك وقت طويل, بين الظهر والعصر مائتين, وبين العصر والمغرب مائتين, وبين المغرب والعشاء مائتين وبين العشاء والفجر مائتين, كم أصبح المجموع؟ ألف مرة.
طيب ما هي الثمرات, انظروا ما هي الثمرات عندما تقول -مثلًا على سبيل المثال- سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ألف مرة في اليوم, تدرون ما هي الثمرات التي سوف تجدها في الآخرة؟ كل يوم يُغرس لك في الجنة أربعة آلاف شجرة لأنها ألف مرة وفيها أربعة كلمات كل كلمة من هذه الكلمات يعني: سبحان الله شجرة, والحمد لله شجرة في الجنة, ولا إله إلا الله شجرة, والله أكبر شجرة, وما أدراك ما أشجار الجنة ما لا عينٌ رأت ولا أُذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر! إذن أربعة آلاف شجرة في الجنة يوميًّا تُغرس لك, في الشهر كم يكون الحساب؟ 120170 شجرة في الجنة شهريًّا, إذن أصبح يومك له بركة له وزن له قيمة.
كم صدقة سوف تأخذ؟ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: “كل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تهليلة صدقة” يعني كل كلمة من هذه الكلمات تُكتب لك صدقة عند الله أي ثواب صدقة, كم صدقة سوف يُصبح عندك يوميًّا؟ أربعة آلاف صدقة, في الشهر 120170 صدقة.
طيب كم كنز؟ لأنك أنت قلة لا حول ولا قوة إلا بالله ألف مرة في اليوم, لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث المتفق عليه, يقول لأبي موسى الأشعري: ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة -وما أدراك ما كنوز الجنة مالا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت- قال: تقول لا حول ولا قوة إلا بالله, وأنت تقولها في اليوم ألف مرة يعني كل يوم ألف كنز في الجنة, في الشهر تقريبًا 30000 كنز في الجنة.
فانظروا إلى هذه الثمرات إذا قلت سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله في اليوم ألف مرة, تحصل هذه الثمرات وهناك ثمرات غيرها لكن نحن نحب الاختصار نضرب الأمثلة, عرفتم الطريقة السهلة اليسيرة بين كل صلاتين تقريبًا مثلًا تقولها مائتين مرة, انتهت المشكلة وسهلة ويسيرة على قلبك وهذا أعون لك على أنك تداوم على هذا العمل.
هذه الطريقة لو سبحان الله مرضت أو سافرت أو انشغلت يُكتب لك العمل كاملًا عند الله سبحانه وتعالى, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا مرض العبد أو سافر كُتِب له ما كان يعمل صحيحًا مُقيمًا” فلو كنت مريض مثلًا أسبوع كامل أو شهر كامل ما استطعت أن تقول هذه الكلمات هذا الورد اليومي يُكتب لك أجرك كاملًا عند الله سبحانه وتعالى.
نعطيكم مثال آخر كيف تستثمر أوقاتك, الصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام, طبعًا الصيغة المختصرة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أربعة كلمات احفظوها “صلى الله عليه وسلم”, قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) فهنا جمعت بين الصلاة وبين السلام, إن قلت على نبينا محمد ليس هناك مشكلة لكن إذا لم تقلها أنت طبّقت هذه الآية, فالصيغة المختصرة “صلى الله عليه وسلم”.
طيب لو قلنا لأحدكم هل تستطيع أن تصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم ألف مرة؟ تقول كيف أصلي ألف مرة ما أستطيع كثير, أنا أقول لك تطبق كما قلنا في الطريقة الأولى بين كل صلاتين تقول مائتين مرة فيكون عندك بين كل صلاتين واجبين, مائتين مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله, وصلى الله عليه وسلم مائتين, هذه يصبح لك في اليوم ألف مرة.
ما هي الثمرات؟ الثمرات أول شيء إذا قلت صلى الله عليه وسلم ألف مرة في اليوم على ماذا تحصل؟
أولًا أنّ الله يصلي عليك, قال صلى الله عليه وسلم: “من صلى علي مرة صلى الله عليه بها عشر مرات” فالله سوف يصلي عليك عشرة آلاف مرة لأنك أنت صليت على رسول الله ألف مرة, وتُرفع لك عشرة آلاف درجة, لأنه في الحديث: “من صلى علي مرة كُتِب له عشر درجات ومُحيت عنه عشر سيئات وكُتِبت له عشر حسنات” فتُرفع لك يوميًّا عشرة آلاف درجة, هذه الثمرة الثانية, وتُمحى عنك عشرة آلاف سيئة, الأمر الثالث, وتُكتب لك عشرة آلاف حسنة والحسنة بعشر أمثالها فيكون المجموع مئة ألف حسنة والله يضاعف لمن يشاء.
هذه طريقة جميلة تجعل فعلًا يومك عليك بركة ومع الأيام تتعود عليها تُصبح عندك سهلة وأنتم عرفتم ما هي الثمرات وما هي النتائج وما هي الدرجات التي سوف يُحصِّلها المسلم عندما يتخذ هذه الطريقة.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ماذا فعل هذا الطفل ليستحي من الله ؟؟؟
إني لأستحي من الله
خرج (( عمر بن عبيد الله )) يوما وكان من المشهورين بالكرم والسخاء وبينما هو في طريقه مر بحديقة ( بستان ) ورأى غلاما مملوك يجلس بجوار حائطها يتناول طعامه فاقترب كلب من الغلام ,
فأخذ الغلام يلقي الى الكلب بلقمة , ويأكل لقمة
(( وعمر )) ينظر إليه ويتعجب مما يفعل , فسأله (( عمر )) أهذا الكلب كلبك ؟؟
قال الغلام : لا
قال ((عمر )) : فلما تطعمه مثل ما تأكل ؟؟
فرد الغلام : إني أستحي أن يراني أحد وأنا آكل دون أن يشاركني طعامي .
أُعجب (( عمر )) بالغلام , فسأله : هل أنت حر أم عبد ؟؟
فأجاب الغلام : بل أنا عبد عند أصحاب هذه الحديقة ,
فانصرف (( عمر )) ثم عاد بعد قليل
فقال للغلام : أبشر يافتى فقد أعتقك الله ! وهذه الحديقة أصبحت ملكاَ لك
قال الغلام بسعادة ورضا : أُشهدك أنني جعلت ثمارها لفقراء المدينة .
تعجب (( عمر )) وقال للغلام : عجبا لك ! أتفعل هذا مع فقرك وحاجتك إليها ؟؟
رد الغلام بثقة وإيمان : إني لأستحي من الله ان يجود عليّ بشيئ فابخل به !.
قمة العطاء وقمة الرضا والقناعه أفاض الله على قلوبكم نور الرضوان وعلى أحاسيسكم حلاوة الإيمان وعلى أجسامكم عافية الأبدان وعلى أسماعكم عذوبة القرآن وعلى ألسنتكم ذكرالرحمن
الكتاب الذي تقرأه لأول مرة وتتفاجأ بما فيه رغم أنك أنت (مؤلفه) هو : (كتابك) يوم القيامة !
(إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا)
فأحسن تأليفه…
"جعلنا الله وإياكم ممن يؤتى كتابه بيمينه .
تعليقك يثرى المحتوى .. لا تبخل علينا