تخطى إلى المحتوى

الإصلاح الدراسي ودواع الغش في الإمتحانات 2024.

الإصلاح الدراسي ودواع الغش في الإمتحانات
لا إصلاح للتعليم بدون محاربة ظاهرة الغش المتفشية. "غشه لم يمحضه النصح أو أظهرله خلاف ما أضمره كغششه. والغش بالكسر الاسم منه والغل والحقد…والمغشوش الغيرواغتشه واستغشه ضد انتصحه واستنصحه أو ظن به الغش " الغش ضد النصح والإخلاص، أيالغش هو نفاق وإخفاء الحقيقة، والشائع المعروف عندنا هو أن يحصل شخص على نقطة أوشهادة أو عمل بطرق غير مشروعة، فهو هنا ضد الشفافية والمصداقية (الصدق)، أي هوتزوير وأخذ ما لا يستحق، فهو ضد العدل.
الغش إذن كلمة جامعة لرذائل شتى وجرائم جلى لا تبقي ولا تذر. لذلك فالغش محرمأخلاقا وشرعا وقانونا. ومع ذلك لا بد من طرح السؤال الآتي: هل في مؤسساتناالتعليمية، الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعية غش؟ المراقبة المستمرةوالامتحان وسيلتان لتقييم عمل المتعلم، ولا قيمة لعمل لا يقيم. وهما دافعان أساسيانللتعلم عند المتعلم، فلا يمكن الحديث عن تعلم بدون تقييم. لإن المتعلم مهما كانوحيثما كان يعتبر الفرض والامتحان ميزانا يقيس جهده ومستواه، ومن ثم فهما وسيلتانتكشفان المستوى الحقيقي للمتعلم، أي أنهما وخاصة الفرض، وسيلة لكشف الخلل وهذه هيالخطوة الأولى للتصحيح قبل فوات الأوان. كما أنهما بمثابة تاج يوضع على رأسالمتفوقين خاصة، ومن ثم فهما دافعان للمنافسة ومشجعان على المثابرة والمواظبة فيالاجتهاد. لكن هل الفرض والامتحان اليوم يحقق هذه الأهداف؟ هل الفرض ميزان عادليعدل بين المتعلمين ويميز المجتهدين من غير المجتهدين؟ هل الفرض يقيس المستوىالحقيقي للمتعلم؟ هل الفرض والامتحان مازالا تاجين يزينان هامة المجتهدين؟ إنالمدرس حينما لا يحرس المتعلمين أثناء إنجاز الفرض يشجعهم على الغش، فأي تهاون فيالحراسة يعد تشجيعا للغش أو هو غش بعينه. فالجلوس في المكتب أو مكان آخر طيلةالإنجاز، أو الدخول والخروج من القاعة ولو أمام الباب، أو قراءة أو كتابة تقصيروتشجيع واضح للغش بقصد أو بغير قصد.

إن المتعلم لقادر في رمشة عين على الغش، لذلك نجده حريصا أشد الحرص على اقتناصتهاون المراقب ليخرج ورقة من أحد جيوبه أو أن ينفذ خطة من خطط الغش المتطورة . إنالتهاون في المراقبة والحراسة وبال على ما يسمى التعليم، أي درس نقدم حينما نسمحبالغش أو نتهاون في الحراسة؟ أي خلق نبث في المتعلم ونحن نغض أبصارنا عن الغش؟ ماأقبح هذا السلوك وما أخطره! إن السماح بالغش ساعة الفرض أو الامتحان دعوة إلىالتهاون والكسل والخمول طيلة أيام الدراسة، فالتلميذ ليس غبيا كي يتعب نفسه فيالانتباه والمراجعة والمدرس لن يراقبه في الفرض، سيلجأ إلى الغش من الكتاب أوالدفتر أو سيطلب الإمدادات من الآخرين. الغش خطر على المتعلمين جميعهم، فالمتعثر لنيقوم ذاته بالوسائل الصحيحة المشروعة، ليس في حاجة إلى أن ينتبه ويسهر الليالي،الكتاب يعفيه والدفتر والصديق.

وكذلك متوسط الحال سيختار الغش والنقل المباح، وكذلك المجتهد سيفعل. وهو يعلمأنه" من نقل انتقل ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه"، لا ينبت الغش في قلب المتعلمسوى التهاون والكسل والاتكال وفقدان الثقة في النفس. إذ لا يمكن للمتعلم أن يعتمدعلى نفسه وهو يرى بأم عينيه أصدقاءه يغشون، من طبيعة الحال يعرف أن الكتاب أعلم منهولا يمسه النسيان أو السهو، وهو يعلم كذلك أن العمل الجماعي أحسن من الفردي، لهذهالاعتبارات سيختار الطريق المعوج للوصول، فكم من مجتهد معتمد على نفسه تعثر! وكم منغشاش نال الدرجة الأولى! حينما يتعود المتعلم الغش يفقد الثقة في قدراته وذكائهوإعداده فلا تطمئن نفسه إلا للغش. وعلى هذا يعد التهاون في الحراسة من أهم دوافعالغش، بل إن التهاون في الحراسة تشجيع صريح على الغش. ويرجع يوسف عياشي تنامي ظاهرةالغش إلى ثمانية أمور وهي:

"1- تعدد المواد الدراسية وكثرتها مما يستحيل معه إعطاء الوقت والأهمية لكل مادةعلى حدة.

1- طبيعة المقررات الدراسية التي تركز على الكم عوض الكيف،والسرد بدل الفهم.

2- طول البرامج وكثرة الدروس مما لا يتيح إمكانية شرحها بالشكل المرجو.

3- عدم إتاحة الفرصة للتلاميذ قصد الاستعداد بما فيه الكفاية للامتحان.

4- الدعاية لجدوى وفائدة الغش والترويج للشعار الذي أصبح سائدا ومتداولا بينالتلاميذ" من نقل انتقل ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه"

5- الإحباط الذي قد يصاب به بعض التلاميذ المجدين عندما يحصلون على معدلات تقلعن زملاء لهم ضعيفي المستوى.

6- غياب هامش التدخل لدى الأستاذ والذي يفاجأ بدوره بالمفارقة السابقة ولا يملكحولا ولا قوة للتصرف وإعادة الأمور إلى نصابها.

7- التناقض الصارخ بين نقط المراقبة المستمرة ونقط الامتحان مما يؤكد وجود خللفي النظام التقويمي الحالي " لعل يوسف عياشي يعرف حق المعرفة أن هذه الدوافع وحدهالا تشجع الغش، إذ لولا التهاون في الحراسة وهذا من طبيعة الحال غش وتقصير لمااستفحلت ظاهرة الغش، حتى غدت في ايامنا هذه أمرا عاديا طبيعيا. لكن ربما لم يذكريوسف عياشي هذا الدافع احتراما للمدرسين. ومع احترامنا الكامل لهم فإنه لا يسعناإلا أن نقول إن من السهل جدا أن نخفف إن لم نقل أن نقضي على الغش بالقيام بواجبالحراسة. ومسألة الكم والكيف لا ترتبط دائما بطبيعة المقررات وعامل الزمن، بل ترتبطأحيانا كثيرة بطريقة التدريس، وكذلك بنوعية الأسئلة التي تطرح سواء في الفرض أمالامتحان. كما ترتبط بإهمال وتقصير المتعلم . أما مسألة طول المقرر وكثرة الموادفأثرها محدود، ويمكن مقاومته بتنظيم المراجعة والاهتمام والانتباه منذ بداية الفصلالدراسي .

إننا مهما صغرنا المقررات الدراسية وطولنا زمن شرح الدروس وطرحنا أسئلة فهم لاحفظ ومهما بالغنا في التحسيس بأضرار الغش… لن نقضي على الغش إذا لم نحرص علىحراسة التلاميذ في الفرض والامتحان. نعم، بالغش نجعل المجتهد والمتهاون سواسية، ومنثم نثبط العزائم وننشر ظلال الظلم على المجتهدين خاصة، فما قيمة هذا الفرض الذي لايعطي لكل ذي حق حقه؟ وأي خيبة وأي حسرة ستخيم على من تعب وجد واجتهد وبحث وسهر وهويرى الغشاش قد نال النقطة نفسها أو أحسن منها؟ وفرحة الغشاش فرحة مزورة لأن النقطةمزورة ، فهي في الحقيقة كذب على الذات. وهذا معناه أننا نظلمه هو أيضا. شاعت بينالمدرسين فكرة حول التنقيط. وهي أن تشكل نقط المتعلمين هرما قاعدته عريضة وقمتهضيقة حادة. بمعنى يجب أن تكون النقط المتوسطة أكثر ثم تليها نقط لا بأس بها ثم نقطممتازة. وهذا في نظري خطأ لا يقبله عقل سوي، لسبب بسيط هو أنه تزوير للواقع،فالواقع يقتضي أن تكون النقط هرما، لا أن نكون النقط على شكل هرم. والواقع قلمايكون هرما قاعدته عريضة وقمته حادة، لم لا يكون هرما قمته عريضة وقاعدته ضيقة؟ لملا يكون مربعا أو مستطيلا؟ وما المانع في أن يكون خطا أفقيا مستقيما؟ ولم لا تكوننقطنا خطا عموديا أفقيا؟ ولماذا لا نقبل خطا عموديا ممزق الوسط؟ علينا أن نتحلىبالشجاعة كاملة غير منقوصة حينما نمنح النقطة، ليس من التربية أن نكذب علىالمتعلمين وأن نزور واقعهم.

علينا أن نقوم بأداء الدرس كما يجب، ثم بعده علينا أن نقوم المتعلمين فيما أدينابشجاعة وجرأة وعدل وإنصاف، ومن العدل كما قلت أن نمنع حالات الغش وأن نشدد العقوبةعلى الغشاشين، فلا مانع عندي أن أمنح نقطة الصفر لمتعلم ضبطته في حالة غش، ولا مانععندي من أمنح نقطة الصفر لمتعلمين أجوبتهم نسخ طبق الأصل، وهذا ليس معناه أننا نرهبالمتعلم أو لا نحب أن يحصل على نقطة مشرفة، بل لإننا نحب أن نبث في نفسه الثقة، وأننعوده على تحمل المسؤولية، وأن نكره إليه الغش، كما نحب أن نشيع العدل بينالمتعلمين وأن نزرع الطمأنينة في نفوس المجتهدين. ثقوا أيها المربون أن تشديدالمراقبة والغلظة في العقوبة(صفر) مرة واحدة في أول فرض، ستقتل فكرة الغش عندالمتعلم. كي يكون الفرض ذا قيمة في العدل بين المتعلمين وكشف حقيقة فهمهمواهتمامهم، لا بد من إعطاء الفرض أهمية قصوى، بدءا بالإعداد مرورا بالإنجاز وانتهاءبالتصحيح. فالفرض كما هو معروف يجب أن تكون أسئلته متنوعة من حيث ما تتطلبه من حفظوفهم وذكاء، كما يجب أن تكون مرتبطة بالدروس المقررة، وأن يكون المطلوب محددا ويحسنأن تكون مرفوقة بسلم التنقيط ضمانا للشفافية والنزاهة. ولا بد من مراعاة خصوصية كلمادة.

واتقاء الغش من الواجب ألا نعتاد على تكرار الأسئلة نفسها كل سنة، ذلك أنالتواصل بين المتعلمين في المؤسسة قائم. ولا يخفى ما للتصحيح من أهمية في تحقيقالعدل وكشف حقيقة مستوى المتعلم، لذا لا مناص من تصحيح الفروض في أوقاتها العاديةوإرجاعها للمتعلمين قصد الاطلاع على نقط ضعفهم، إننا نغش المتعلمين حينما لا نصححبدقة أوراقهم، ولا يمكن لأحد ألا يكذب وهم من يزعم أنه قادر على تقييم مستوىمتعلميه بدون تصحيح الفرض، أو بدون إنجازه، إن عدم المشاركة أحيانا لا تعني عدمالفهم أو ضعف المستوى، فقد لا نسمع كلام متعلم إطلاقا لكنه في الفرض الكتابي يلزمناعلى تغيير نظرتنا وتصورنا لمستواه. وواضح أن الفرض الذي لا يرجع للمتعلمين للاطلاععليه لا يؤدي وظيفته، فلا المتعثر يعرف موطن تعثره ولا المتفوق يفرح بثمرة اجتهاده. إن ظاهرة الغش، مع الأسف الكامل، صارت معروفة عند العامة والخاصة، لا يستثنى في ذلكأي مستوى تعليمي، من الابتدائي إلى الجامعي. و قد ذكر مصطفى بنان أن من أهم أسبابرداءة التعليم عندنا "اللجوء للغش في الامتحانات؛ فالتلاميذ الغشاشون، باعترافهم،يمثلون 92% "، وهذه النسبة لها دلالة أخرى مهمة وهي أن هناك فعلا تقصيرا كبيرا فيالحراسة!؟ ومن الجميل أن يتحدث يوسف عياشي وهو حاليا نائب لوزارة التربية بالناظوربصراحة عن ظاهرة الغش، فقد ذكر أن الغش آفة تتنامى بشكل مخيف في السنوات الأخيرة . فكيف نطالب الآخرين بالشفافية والمصداقية ونحن في التعليم نساهم في الغش؟ أليس هذامناقضا للمنطق؟ ونريد هنا أن نشيد بأساتذة التعليم الجامعي وإدارتها فقد بينوا فيأكثر من مرة أنهم شجعان في مواجهة الغش، فمن ضبط يطبق عليه القانون، ومما يثلجالصدر أن خبر الغش ينشر كتابيا في الجامعة، وهذا رادع للغش، وبهذا تفسر ندرة حالاتالغش في الجامعة التي أعرف على الأقل. أما في التعليم الابتدائي فحدث ولا حرج،فالتلاميذ أنفسهم يصرحون بعد نهاية الامتحان أن المعلمين ساعدوهم، وكتبوا بعضالأجوبة على السبورة خشية ارتكاب أخطاء إملائية.

هل تدرون لماذا يساعدونهم في الامتحان؟ من أسباب الغش والتهاون في الحراسة،الانتصار والتعصب للمجموعة المدرسية أو الفرعية، فالمعلمون يسعون إلى أن تكون نسبةالنجاح عندهم أكبر من الفرعية الأخرى، ولو منعوا الغش لكانت النسبة مخيبة وستثيرمشاكل، فالسكان سيغضبون لأن تلاميذهم لم ينجحوا، وهذا معناه أن المعلمين لم يؤدوامهمتهم كما ينبغي، والمدير سيغضب إذا كانت نسبة النجاح ضعيفة. تجنبا لهذه المشاكللا بد من مساعدة المتعلمين في الامتحان، إن الغش هنا انبطاح ونفاق وغطاء لتقصير فيالأيام الطوال، ومن أسباب الغش فقدان الثقة في المراقبين في أماكن أخرى، فالمدرسونيبررون غشهم وتهاونهم في الحراسة بأن الآخرين في فرعيات أو في مدن أخرى لا يتشددونفي الحراسة بل يمدون يد المساعدة إلى درجة كتابة الجواب على السبورة، فهم يرون أنهمسيظلمون المتعلمين الذين تولوا حراستهم إذا لم يساعدوهم. ومن هنا فإذا منع الغش فيالامتحان، وطرحت أسئلة حقيقية تقيس مدى استيعاب المتعلم ما درسه يحدث ذلك التناقضالصارخ بين نقط المراقبة المستمرة ونقط الامتحان، ويحدث التناقض نفسه كذلك إذا وقعالعكس، أي إذا منع الغش في المراقبة وسمح به في الامتحان. صحيح هناك ضغوطات ضمنية،فالنيابة لا يروقها أن تكون نسبة الخاسرين تشتيتا وخلطا لأوراق الخرائط المدرسية،ولهذا فالمدير لن يروقه الخسران الكبير، فهذا سيخلط أوراق بنية المؤسسة، وهنا نقولما قلناه حول الهرم، لماذا نرسم خرائط ونوطن عليها معطيات عنوة؟ لماذا لا ننطلق منالمعطيات لرسم الخرائط. هناك من المدرسين من يجاري هذا الواقع المغشوش فيعمد إلى "نفخ" النقط، فمدام المتعلمون ناجحين تلبية للبنية والخرائط فالأحسن أن أرفع النقط. هكذا نجد بونا شاسعا بين نقط المتعلم ومستواه الحقيقي، وهذا كذب ونفاق وغش للذاتوللآخر، لماذا نخفي الحقيقة بالكذب على المتعلم والناس؟ لماذا لا نصارحه والناسبحقيقة مستواه؟

إننا لا نبغي تغيير الخرائط المدرسية ولا بنية المؤسسة، لكن نريد الصراحةوالواقعية، ولا أظن المدير ولا النيابة سيلزم المدرس بتزوير واقع المتعلم بأي شكلمن الأشكال، إننا نلوم المدرس الذي لا تعبر نقطه عن المستوى الحقيقي للمتعلمين، ولانرى أن هناك أي مبرر يجوز له تزوير مستوى المتعلمين. نعم من حق المدير أن يغضبوكذلك النيابة من حقها أن تغضب وكذلك الآباء حينما تهبط نسبة الناجحين، لكن اتقاءالغضب بتزوير المستوى عن طريق "نفخ نقط المراقبة المستمرة " والغش في الامتحان ليسحلا وليس شجاعة، وإذا كانت نسبة النجاح في أي مستوى تعليمي تحدد حسب البنيةوالخرائط، فلا يجب أن نتمادى في النفاق، لا يهمنا نحن المدرسين عدد الناجحين، فإذاكانت بنية المؤسسة تتطلب عددا محددا من الأقسام في مستويات محددة، فلينجح من شاء،لكن ينجح وسمة مستواه على وجه ورقة التنقيط، فلا يهمنا في هذا الوضع، أن ينجحالمتعلم بمعدل ثلاثة على عشرة أو حتى اثنين، فحينما ينجح المتعلم بما يعبر عنمستواه الحقيقي لا نزور الواقع ، وهنا سيبدأ التفكير الجدي في الحل الصحيح. كما أنهليس من الواقع والصدق أن ننبطح لمستوى المتعلمين فنسهل أسئلة الفرض والامتحان رفعاللنقط، إذ لا يعقل أن أطرح أسئلة الابتدائي في مستوى إعدادي، ولا أسئلة الإعدادي فيالثانوي، أ أدرس المعادلات ثم أطرح أسئلة الجمع والضرب والقسمة؟

علينا أيها المدرسون ألا نطرح أسئلة تجارية غبية. نحن في حاجة ماسة إلى قليل منالجرأة والصدق، ليس من المعقول أن نتهافت على كسب ود المتعلمين والإدارة والآباءوالناس عامة، بالسخاء والجود والكرم في الفروض والامتحانات. كن صادقا جريئا فيالتعبير عن الحقيقة وإنصاف المتعلمين، وبعد فليقل من شاء ما شاء ولينعتني من شاءبما شاء. نعم الناس أكثرهم من حولك لن تروقهم الحقيقة ولن يرضوا عنك إذا كنت ممن لايتغاضى عن الغش في الفرض والامتحان، فالمتعلمون يحبون أن يكون المدرس سخيا متهاونافي الحراسة سواء في الفرض أم الامتحان، وما أحسن من يساعدهم يوم الامتحان! والعكسصحيح، فنحن نرى التشاؤم والتذمر يبدو على وجوه المتعلمين وهم يرون مدرسا معروفابكرهه للغش يدخل القاعة لحراسة مادة من المواد، إلى درجة أن المتعلمين يطالبون فيبعض الأحيان الإدارة ألا يحرسهم هذا المدرس أو ذاك إلا مرة واحدة إحقاقا للعدالةوتكافؤ الفرص بينهم وبين زملائهم في قاعات أخرى! ومما يندى له الجبين أن ترى فيالشارع العام أو في شارع الكلية عينها طلبة يزودون أصدقاءهم في قاعة الامتحاناتبعناصر الأجوبة، ساء ما يفعلون، إنهم يزودونهم عبر الهاتف المتنقل، ما هذا الانحطاطفي الأخلاق؟ ألا يستحي هؤلاء من أصدقائهم؟ ألا يستحيون من المارة ؟ والعجيب أنالطلبة المناضلين لا يحركون ساكنا؟ أي شفافية وأي نزاهة وأي تغيير ونحن عجزنا عنتغيير ما بأنفسنا من غش؟ ألا تستروا أيها الطلبة إذا ابتليتم! نطالب بالتغيير ونحننعجز حتى عن تغيير طريقة أكلنا ووقت نومنا! ومما يستوجب الذكر ونحن نذكر الجامعة أنهناك من الأساتذة الجامعيين من يلزم ضمنا طلبته باقتناء كتابه، هذا الإلزام الضمنيليس حبا للطالب ولا حرصا على مصلحته ولا تشجيعا للقراءة، ذلك أن هذا النوع الفريدمن الكتب لا يجوز استنساخها وهو وثيقة شخصية لا تصلح إلا لشخص واحد، فهو كبطاقةالطالب أو بطاقة التعريف الوطنية أو قل بلا حرج كجواز سفر لأن الأستاذ الفاضلسيوقعه عندما يلج الطالب قاعة الامتحان الشفوي وبهذه الطريقة يمنع تزويرالملكية.

ومما يعصر القلب الحي أن ثمن بعض هذه الكتب ثمين، يتجاوز بعض الأحيان ثمانيندرهما، وصفحاته لا تتجاوز مائتين وثمانين صفحة. من المؤسف جدا أن نبتز الناس باسمالعلم. إن التغاضي عن الغش في الفرض أو الامتحان تشجيع وتكريس للأخلاق الذميمة التيينهى عنها الشرع والقانون، إن السماح بالغش معناه تدريب المتعلم على خيانة الأمانةوالسرقة حين يتولى المسؤولية في وطنه، " ومن المعلوم، بداهة، أن الطفل منذ نشأته إنلم ينشأ على مراقبة الله والخشية منه، وإن لم يتعود الأمانة وأداء الحقوق…فإنالولد- لا شك- سيدرج على الغش والسرقة والخيانة، وأكل الأموال بغير حق… " إ
ننا في حاجة إلى تطبيق القانون بحذافيره في ما يخص الغش، على الجهات المسؤولة أنتحرص على هذا الأمر أشد الحرص اليوم أكثر من أي وقت مضى. عليها أن تعاقب كل متهاونفي الحراسة، كما عليها أن تعاقب كل غشاش من المتعلمين. لا بد من إصدار مذكرات تحذرمن التهاون في الحراسة، ولابد من" تحيين المذكرات التي تحارب ظاهرة الغش وتحددالإجراءات العقابية في حق المخالفين " ولا بد من تفعيل دور المراقبين الأجانب وحثهمعلى ضبط المتهاونين في الحراسة. ذكر البحث لحد الآن ستة أسباب في هبوط مستوىالمتعلم المغربي، وهي غياب الرغبة عند المتعلم والمدرس، والاكتظاظ، وغياب التوجيهوالمراقبة، والفقر، والاختلاط، والغش، ويبدو أن هذه الأسباب أمور محدثة لم يعرفهاعصر ابن خلدون، فلم يكن هناك اكتظاظ ولا غش ولا اختلاط، وكان المدرس راغبا فيالتدريس، كما كان المتعلم راغبا في التعلم، لذا لم يتحدث ابن خلدون عن هذه المشاكل. غير أن هناك مسائل مهمة حاضرة في تعليمنا اليوم عالجها معالجة تربوية ، ومنها ماسيناقش البحث في السبب السابع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.