[size="4"]الأعمال التي يصل ثوابها للميت بلا خلاف
نتناول اليوم كيفية وصول الصدقة للميت و الأحاديث النبوية الشريفة الدالة على ذلك وتأكيدها على وصول ثواب الصدقة للأموات.
أولا: الصدقة لا خلاف بين أهل العلم في وصول ثواب الصدقة للميت، وأشهر حديث في هذا الباب، حديث أبي هريرة رضي الله عنه، الذي رواه الإمام مسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له” صحيح مسلم: 3/1255، الترمذي 3/660،سنن أبي داود 3/117، سنن ابن ماجة1/,88 مسند أحمد 5/269، صحيح ابن خزيمة 4/.122
وكذلك حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن رجلا أتي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ”يا رسول الله إن أمي افتُلتت ـ أي ماتت، ولم توصي، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم” صحيح مسلم: 2/.696
وروى ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال: ”يا رسول الله إن أمي توفيت، أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم، قال: فإن لي مخرَفا – بستانا- وإني أشهدك أني قد تصدقت به عنها” سنن أبو داود: 3/.118
وقد روى الإمام مسلم بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبي مات وترك مالا ولم يوص فهل يكفّر عنه أن أتصدق عنه قال: ”نعم” صحيح مسلم 3/.1254
هذه الأحاديث بطرقها المختلفة، وأسانيدها الصحيحة ومتونها الواضحة تؤكد وصول ثواب الصدقة للميت من قبل الأبناء خاصة، ولم يرد ما يخص صدقة الآباء لأبنائهم أو دعاء الناس لبعضهم البعض، لكن الحكم فيها واضح وهو تأكد وصول ثواب الصدقة للأموات، وهي من الأبناء للآباء أمر يدخل في باب البر بالوالدين الذي حرص الإسلام على تأكيده وبيان عظيم ثوابه، ولهذا جاء السؤال في الأغلب للرسول صلى الله عليه وسلم من الأبناء في هذه المسألة ليصب في حرص الذرية على بر الآباء بعد وفاتهم، تأسيا بقوله تعالى: ”واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا” النساء/.36
أفضل الصدقة
وقد صح أن أفضل الصدقة سقي الماء، فقد روى سعيد بن المسيب عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: ”قلت: يا رسول الله إن أمي ماتت أفأتصدق عنها قال صلى الله عليه وسلم: نعم. قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال صلى الله عليه وسلم: سقي الماء” المجتبي من السنن: 6/.254
ثانيا: الحج والعمرة إلى بيت الله العتيق:
أشهر الأحاديث في هذا الباب المرأة الخثعمية التي سألت النبي صلى الله عليه وسلم، إن كان على أبيها الذي لا يستطيع أن يثبت على الراحلة حج، فأجابها بنعم.. وقد ذكر هذا الحديث في الصحيحين وغيرهما من كتب السنة. وقد توسع الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح هذا الحديث، وبيّن أن المرأة الخثعمية، كانت تقصد بذلك جدها، وليس أباها لأن أباها ـ حصين بن عوف الخثعمي ـ كان معها، فسألت هي أولا، ثم سأل والدها بعد ذلك، فأجابهما النبي صلى الله عليه وسلم نعم ـ فتح الباري:4 /.68 والحديث كما رواه الإمام البخاري هو: حدثنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج، أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال صلى الله عليه وسلم: نعم، وذلك في حجة الوداع – صحيح مسلم2 /973 والبخاري 2/551، 2/.657
وليس في الحديث ما يدل على أن جدها كان حيا فقولها – أدركت أبي شيخا كبيرا- ربما دلّ على وفاته رحمه الله تعالى.
ثالثا: الصوم
لا خلاف في شأن الصوم من حيث الجملة ووصول ثوابه للميت كالصدقة تماما، الأحاديث في هذا الباب كثيرة، أكثر من أن تحصى، وقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصوم وهل له قضاء لمن مات وعليه صوم شهر أو شهرين؟ أو نذر صيام شهر كما في الروايات المتعددة والتي جاءت من طرق عدة أشهرها رواية الصحيحين.
ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها. قال: ”نعم فدين الله أحق أن يقضى”، زاد مسلم في روايته: أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الرجل فقال: ”لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟” قال: نعم، قال: ”فدين الله أحق أن يُقضى” البخاري 2/690 ومسلم 2/.804
وعن أبي داود، أن سعد بن عبادة رضي الله عنه استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر لم تقضيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”أقضه عنها” سنن أبي داود 3/.236
وقد وردت روايات صحيحة سئل فيها النبي صلى الله عليه وسلم، منها ما كان السائل امرأة، سألته عن أمها التي ماتت وعليها صيام كما هو في صحيح مسلم: 2/804 والمستدرك للحاكم 4/,386 وأخرى كانت السائلة تسأل عن أختها التي ماتت وعليها صوم شهرين كما هو في سنن الترمذي 3/95، وثالثة امرأة تسأل عن ابنتها التي ركبت البحر ونذرت لكنها ماتت، كما هو في سنن أبي داود 3/236
ويستفاد من مجموع هذه الروايات:
1ـ تأكيد وصول ثواب الصوم للأموات.
2 ـ جواز صيام الرجل عن المرأة، والمرأة عن الرجل.
3 ـ جواز صيام الأخ عن أخته، والأخت عن أخيها.
4 ـ جواز صيام الولي عن مولاه.
5 ـ جواز صيام 30 رجلا، كل واحد منهم يصوم يوما واحدا عن شهر كامل.
6 ـ الأجر الكبير في بر الوالدين وقضاء حوائجهما ودينهما والنفقة عليهما في حياتهما وبعد موتهما بعمل الصدقات والصيام والدعاء والاستغفار لهما.
7 ـ انتفاع الميت بعمل الحي.
رابعا: قضاء النذر
قضاء النذر من العبادات التي يصل ثوابها للميت، سواء كان النذر صوما أو حجا، أو عمرة أو صدقة أو عتقا.. فلا خلاف في ذلك. وقد وضّحنا ذلك بالأحاديث الصحيحة فيما سبق. ومسألة النذر المطلق التي جاءت في حديث سعد بن عبادة رضي الله عنه في صحيح البخاري:
ـ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن سعد بن عبادة الأنصاري استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه، فأفتاه أن يقضيه عنها فكانت سنة بعد. صحيح البخاري 6/.2464
وهذا الحديث وغيره من الأحاديث التي سئل فيها سعد بن عبادة رضي الله عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في مناسبات مختلفة تدل على حرصه على بر والدته، وتحري كل عمل يوصل إليها برا وأجرا وثوابا. ولهذا تكرر منه السؤال للنبي صلى الله عليه وسلم، مرة عن الصدقة، ومرة عن الحج، وثالثة عن العتق.
وقد روى صاحب بغية الباحث عن زوائد الحارث حديثا جمع فيها الحج والصدقة والعتق. يقول: حدثنا هوذة بن خليفة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكرة، ثنا عون عن محمد، قال: بلغني أن ابن عبادة قال: يا رسول الله، إن أم سعد دخلت الإسلام وهي عجوز كبيرة، وإني كنت أحج عنها وأتصدق، وأعتق عنها وإنها قد ماتت فهل ينفعها أن أفعل ذلك عنها. قال: نعم” بغية الباحث 1/.437
وقد جاء الأمر بالوفاء بالنذر في حديث سنان بن عبد الله الجهني عن عمته يقول: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد الرحمن بن سلمان عن محمد بن كريب عن ابن عباس عن سنان بن عبد الله الجهني أنه حدثته عمته أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، توفيت أمي وعليها مشي إلى الكعبة نذرا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ”هل تستطيعين أن تمشي عنها؟” قالت: ”نعم، قال: ”فامش عن أمك”، قالت:”أيجزئ ذلك عنها؟ قال: نعم. أرأيت لو كان عليها ديْن فتقضينه عنها. أكان يقبل منك؟” قالت: نعم، قال: ”فالله أحق بذلك” الآحاد والمثاني 6/.82
وقد جاءت رواية الطبراني بزيادة فيها تأكيد على أهمية قضاء النذر يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ”أقضيه عنها فليستن المسلمون في كل شيء كان على امرئ فتوفي قبل أن يقضيه” المعجم الكبير: 6/.18 إن هذا الحرص من المشرّع العظيم صلى الله عليه وسلم يوضح أهمية الوفاء بنذور الطاعات، لتوضيح حقيقة لا خلاف فيها، وهي أن الصلة بين الأموات والأحياء لا تنقطع بموتهم، خاصة الأبناء والأقرباء، والتلاميذ على وجه الخصوص. فالأبواب مفتوحة لهم لإهداء ثواب أعمالهم التي تنفع الميت وتزيد من أجره وثوابه ومنزلته عن ربه تعالى. وكل ذلك يجلي واسع رحمته وعظيم مطلق كرمه وفضله على عباده من عمل منهم ومن عُمل له لا ينقص من أجر أحدهم شيء، والله تعالى أعلم.
[/size]
بارك الله فيك
مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووور
بارك الله فيك
شكرا وبارك الله فيك
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يستحب تعزية أهل الميت، لا يعلم في ذلك خلاف بين الفقهاء كما نص على ذلك ابن قدامة في المغني، لما فيها من التسلية لأهل الميت، وليس في التعزية ذكر محدد لا يجزئ غيره، بل كل ما يذكر من عبارات العزاء مما لم يشتمل على محذور شرعي، فإنه تجوز التعزية به.
قال الشافعي في الأم: ( وليس في التعزية شيء مؤقت يقال لا يعدى إلى غيره.
) انتهى. ولو اقتصر المعزي على هذا اللفظ فهو حسن، وهو ما رواى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: ( أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم أن ابناً لي قبض فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب.)
والله أعلم.
السلام عليكم،
بارك الله فيك، نعم لا أعلم خلافا في كون الصدقة على الميت تلحقه من ابنه أو ابنته، وذلك لأن الابن من كسب الرجل أو المرأة، وقد ورد الخلاف قديما وحديثا في وصول الصدقة على الميت من غير الأبناء، والقول الذي أراه أقرب ما ذهب إليه الشافعي وابن كثير والألباني وغيرهم من أن الصدقة على الميت من غير الأبناء لا تصل وقد استدلوا على ذلك بقوله تعالى : {{ وأن ليس للإنسان إلا ما سعى }}
والله أعلم،
بارك الله فيك مرة أخرى…