الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه بعض النقولات المختصرة من الشبكة لأقوال علماء المالكية في التحذير من فتنة الشرك والقبور –وليس لي فيها إلا الإنتقاء فقط – .
أبو أسامة سمير الجزائري
قال الإمام مالك: «أكره –والكراهة عند السلف تعني التحريم-تجصيص القبور والبناء عليها وهذه الحجارة التي يبنى عليها» المدونة 1/189.
وقال ابن أبي شامة: «كان مالك وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار في المدينة ما عدا قباء وأحد» الباعث على إنكار البدع والحوادث ص 96- 97،وكتاب ابن وضاح رقم 113
.
وقال ابن عبد الباقي في شرح الموطأ: «روى أشهب عن مالك أنه كره لذلك أن يدفن في المسجد قال: « وإذا منع من ذلك فسائر آثاره أحرى بذلك وقد كره مالك طلب موضع شجرة بيعة الرضوان مخالفة لليهود والنصارى» تيسير العزيز الحميد ص 340.
وقال القرطبي: «وقال علماؤنا وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد» تفسير القرطبي 10/380.
وقال ابن رشد: «إن فات- يعني صلاة الجنازة – لم يصل عليه لئلا يكون ذريعة الصلاة على القبور وهو مذهب أشهب وسحنون» مقدمة ابن رشد ص 174.
وقال ابن رشد كذلك: «كره مالك البناء على القبر وجعل البلاطة المكتوبة» فتح المجيد ص 323، ولعله يقصد ما يسمى اليوم بشاهد القبر وهو رخام يكتب عليه اسم الميت وتاريخ وفاته وغير ذلك. والله أعلم.
قال القرطبي: في شرح حديث النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها»، أي لا تتخذوها قبلة، فتصلوا عليها أو إليها كما فعل اليهود والنصارى، فيؤدي إلى عبادة من فيها كما كان السبب في عبادة الأصنام، فحذر النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك، وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك تفسير القرطبي (10/380).
إلى أن قال: «وأما تعلية البناء الكثير على نحو ما كان في الجاهلية تفعله تفخيمًا وتعظيمًا، فذلك يهدم ويزال، فإن فيه استعمال زينة الدنيا في أول منازل الآخرة وتشبهًا بمن كان يعظم القبور ويعبدها» تفسير القرطبي (10/381).
وقال الإمام مالك: «لا أرى» أن يقف عند قبر النبي، صلى الله عليه وسلم ، يدعو ولكن يسلم ويمضي. ذكره إسماعيل بن إسحاق في المبسوط، وإسناده صحيح كما في صيانة الإنسان ص 264 فتح المنان ص 358.
وقال أيضًا في المبسوط: «لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج أن يقف على قبر النبي، صلى الله عليه وسلم ،ويدعو له ولأبي بكر وعمر».
قيل له: فإن ناسًا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر وربما وقفوا في الجمعة أو في الأيام المرة أو المرتين أو أكثر عند القبر، فيسلمون ويدعون ساعة، فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلى ما أصلح أولها ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك،ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده فتح المنان ص 358.
وأما الحكاية التي ذكرها القاضي عياض عن محمد بن حميد قال: «ناظر أبو جعفر المنصور أمير المؤمنين مالكًا في مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، قال له مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإن الله تعالى أدب قومًا وقال: لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ سورة الحجرات، الآية: 2.
ثم قال: «فهذه الحكاية على هذا الوجه إما أن تكون ضعيفة أو محرفة» انظر: صيانة الإنسان ص 255، وفتح المنان ص 359.
أما الحكاية التي رواها القاضي عياض بإسناده عن مالك في قصته مع المنصور وأنه قال لمالك: يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وادعوا، أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: ولم تصرف وجهك عنه، وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله يوم القيامة بل استقبله، واستشفع به يشفعه الله فيك تيسير العزيز الحميد ص358.
قال صاحب تيسير العزيز الحميد: «فهذه الرواية ضعيفة أو موضوعة لأن في إسنادها من يتهم محمد بن حميد» تيسير العزيز الحميد ص358.
وأما ما روى ابن زبالة وهو في أخبار المدينة عن عمر بن هارون عن سلمة بن وردان وهما ساقطان قال: رأيت أنس بن مالك يسلم على النبي، صلى الله عليه وسلم ، ثم يسند ظهره إلى جدار القبر ثم يدعو فالرجلان ساقطان كما في تيسير العزيز الحميد.
وأما الحكاية في تلاوة مالك هذه الآية: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ سورة النساء، الآية: 64.
فهو والله أعلم باطل، فإن هذه لم يذكرها أحد من الأمة فيما أعلم، ولم يذكر لأحد منهم أنه استحب أن يسأل بعد الموت لا استغفارًا ولا غيره، وكلامه المنصوص وأمثاله ينافي هذا، قال صاحب فتح المنان ص 360.
وقال القرطبي: «وأما السنة فأحاديث كثيرة ثابتة صحيحة منها حديث عائشة – رضي الله عنها – أن أم حبيبة وأم سلمة – رضي الله عنهن – ذكرتا كنيسة رأياها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتا ذلك لرسول الله، صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح، فمات بنوا على قبره مسجدًا، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله» أخرجه البخاري ومسلم.
قال علماؤنا: ففعل ذلك أوائلهم ليتأسوا برؤية تلك الصور، ويتذكروا أحوالهم الصالحة، فيجتهدون كاجتهادهم، ويعبدون الله – عز وجل – عند قبورهم، فمضت لهم بذلك أزمان، ثم أنهم خلف من بعدهم خلوف جهلوا أغراضهم ووسوس لهم الشيطان أن آباءكم وأجدادكم كانوا يعبدون هذه الصورة فعبدوها، فحذر النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك،وشدد النكير والوعيد على من فعل ذلك تفسير القرطبي 2/58.
وقال ابن الحاج في المدخل: «لا يجوز الطواف حول الأضرحة فإنه لا يطاف إلا بالبيت العتيق وكذا لم يشرع التقبيل والاستلام إلا بالبيت العتيق وكذا لم يشرع التقبيل والاستلام إلا للحجر الأسود» المدخل كما في المشاهدات المعصومية ص 73.
وقال الطرطوشي: «وروى محمد بن وضاح أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أمر بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم لأن الناس كانوا يذهبون تحتها فخاف عمر الفتنة عليهم…
قال: وكان مالك وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار التي بالمدينة ما عدا قباء وأحد» كتاب الحوادث والبدع 294-295..
وقال الطرطوشي: «قال عمر بن الخطاب إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا كانوا يتبعون آثار أنبيائهم ويتخذونها كنائس وبيعًا فمن أدركته الصلاة منكم في هذه المساجد فليصل ومن لم تدركه فليمض ولا يتعمدها» كتاب الحوادث والبدع 308-309.
أبو أسامة سمير الجزائري
18 ذو الحجة 1445
اخطر شيء على الامة الاسلامية الشرك
بارك الله فيك