مرة أخرى يشهد قطاع التربية حالة غليان بسبب الشد والجذب بين وزارة التربية والمعلمين ممثلين في مختلف نقابات التربية التي تؤطرهم. فالوضع الاجتماعي المهلهل للمدرسة التي تنشئ الأجيال تُعيق مسيرة التعليم في الجزائر.
*
وإذا كانت الوزارة الوصية تقول إنها عملت ولاتزال تعمل على رد الاعتبار لهذه المهنة الشريفة ولأهلها، فإن نقابات التربية تستشهد بالواقع الاجتماعي والمهني المزري لهذه الفئة، لتؤكد أن مصلحة الأساتذة والسعي نحو تحسين واقعهم هو آخر ما يمكن للوزارة الوصية الاهتمام به.
*
الإضرابات التي تفشل حينا، وتنجح حينا، لم تُفلح حسب نقابات التربية في رد الاعتبار الحقيقي للمعلم خاصة، ولمستخدمي قطاع التربية عامة، لاسيما وأن مسؤولي القطاع لا يستجيبون لدعوات الحوار إلا عندما يلمحون شبح إضراب في الأفق، لتبقى وعودهم حبرا على ورق حسب ما يحتج به ممثلو نقابات القطاع، وسط خلافات بين التنظيمات التي تمثل المعلم نفسه.
*
وجاء القانون الأساسي لموظفي التربية ليدق إسفينا آخر في نعش القطاع، بعد ما أجمع المعلمون على أن هذا القانون يُعتبر "عارا" يجب محوه، لأنه أهانهم وجعل التعسفات الإدارية سيفا مسلطا على رقابهم، وهم الذين أنيطت بهم مهمة بناء المجتمع.
*
مشكلة التربية وقطاعها في حقيقة الأمر لم تأت من فراغ، وهي تعكس مشكلة كافة القطاعات التي تعاني من العجز والشلل وتغرق في فوضى التسيير، خاصة مع تغييب سياسات الحوار والاعتماد على التعتيم والوصاية، بعيدا عن مصلحة المعلمين، وبعيدا عن مصلحة الأجيال الناشئة التي تتحمل تبعات عجز الوزارة الوصية من جهة، وتبعات الوضع المزري للمعلّمين من جهة أخرى.
* فالوزارة الوصية تتحمل كامل نتائج التعفن الذي آلت اليه المنظومة التربوية نتيجة صياغتها لقانون أساسي أعرج كبح كل طموحات المربي الذي أفنى شبابه في تربية الأجيال ، لتكافئه اليوم بالتهديد بفصله عن العمل ، لأنه أراد أن يرفع الظلم على نفسه ، وذلك بصياغة مجموعة من المطالب التي تستطيع الوزارة الوصية تلبيتها في لمح البصر ، لو توفرت الإرادة على ذلك .