II-1-2 المدينة الجديدة ،
1- 2-1 كيف ظهرتّ؟
أتى على لسان رونيه لسبيس (René Lespès في كتابه ما يلي : "كان عدد المسلمين ( كذا ) الذين توافدوا من القبائل المجاورة – الدواير و الزمالة و الغرابة – و الذين استقروا خارج و بمحاذاة الجدران القديمة، مرتفِعا للغاية في السنة 1845 فأصدر الجنرال دو لامورسيار ( De Lamoricière) قرارا في التاريخ 20 يناير 1845 بإقامة قرية أهلية خارج الجدران، يعني بعيدا عن هضبة كارجينطة (Karguentah) التي كثرت فيها الخيام و الأكواخ التي أقامها الأهالي وشوهتها؛ فأنشئت هذه القرية وأطلق عليها اسم village nègre القرية الزنجية
كان الباحث الفرنسي أول من اندهش لهذه التسمية التي لم يجد لها مبررا، ما عدا وجود يضعة عائلات ذات البشرة السوداء .
1-2-2 وصفها:
يتوافد الناس على المدينة الجديدة من كل حدب وصوب وهذا منذ عهد بعيد، يؤمّونها باكرا من أجل التجارة التي كانت داخل الدكاكين والحوانيت ولكن أيضا في كل أزقة المدينة الجديدة. كان الوافدون إليها يجدون المقاهي تعرض عليهم مشروبات ساخنة و صاقعة وقربـها من يبيعهم "السفنج".
ولدوابّهم إسطبلات فيه علف و حدادة .
ولمن أراد الاغتسال أو المبيت أو كلاهما وجد حمامات قد هيّـأت له جوابيها وأسرّتـها .
ومن جاع وجد "الحمّاسة" قد تعدّدت دكاكينهم وتناثرت هنا وهناك وكانت أهلا لأن تكون فضاء للمقامة البغداديـة، ولم يكن أبو الفتح الأسكندري مع غريمه عيسى بن هشام ليعافاها.
و من أراد غير هذا وذاك كان له ما أراده.
تتميز المدينة الجديدة بشكلها الهندسي المربع، وبأزقتها المتوازية المتقاطعة .تحدّها أربعة شوارع:
من الجنوب شارع الجنرال بورباكي (Général Bourbaki ) حيث المقبرة اليهودية، من الشمال شارع الجنرال سيريز Général Serèsحيث الثكنتان العسكريّتان،
من الشرق شارع بول دومير (Paul Doumer) حيث المتحف الوطني "أحمد زبانة" والثانوية "عبد الحميد بن باديس"
من الغرب شارع إدوار هيريو (Edouard Herriot) حيث تجارة الجملة.
كان شارع الجنرال بورْباكي يسطّر نهاية المدينة الجديدة. لم يكن لقصر الرياضة و لا لقصر المعارض وجود، بل كان ذاك المكان فضاء للمناورات بالنسبة إلى الجيش الفرتسي، و بالنسبة إلى الجزائريين " الدارة " التي كانوا يتردّدون عليها تردّدهم على السوق؛ , و سنعود إلى ذلك لاحقا.
تشْل المدينة الجديدة، منذ أمد بعيد، قلب وهران النابض، ومنه فإنّ عدد البشر الموجود فيها، يرتفع نهارا بشكل ملحوظ. أمّا الأموال التي يتم تداولها في المدينة الجديدة و في يوم واحد – بفعل التجارة المتعدّدة – فباهظ قدرها.
كانت سيارات تاكسي، في ذلكم الوقت ، تحطّ فيها. وكان البشر ينزلون بها، خروجا من هذه السيارات خروج الماء من العين.
كانت المدينة الجديدة، بالنسبة إلى الوهارنة، تنقسم إلى شطرين متباينين: مدينة الحضر والمدينة الجديدة بمعنى مسكن البدو. يفصل بينهما وشارع جوزيف أندريو Joseph Andrieu) و"الطحطاحة.
كان الحضر يقصدون الشطر الثاني من المدينة الجديدة لاقتناء المواد الضرورية للاستهلاك اليومي، أمّا لباسهم والمصوغات فكانوا يتوّجون من أجلها إلى "الدرب." أمّا "البدو" الذين كاموا يقطنون في الشطر الثاني فكانوا يشترون من مدينة الحضر المصابيح البترولية و المنافيخ وفيها كان يتمّ إصلاحها.
كان الحضر على احتكاك دائم بالأوروبيين وكان نمط عيشهم نسخة تكاد تكون مطابقة لنمط اللأوروبِّيين. أما البدو فكانوا يعيشون في "الخشة" (بضم حرف الخاء) أو الحوش. وكانت "الخشش"متلاصقة متجاورة متداخلة متلاحمة متشابهة، مستندا بعضها إلى بعض.
كانت الخشة نفسها عبارة عن غرف تسكن كل أسرة واحدة منها. وقد تجتمع أسر تنتمي إلى عائلة واحدة في "خشة" واحدة، ولجميع سكان الخشة حنفية ومرحاض يشكلان حق ارتفاق.
من الخشش الشهيرة "خشة التازي"حيث سكنّ المغني الشهير بلاوي هواري وغير بعيد عنها "خشة بن داود" و"حوش تنمتاش" وقبالته "حوش حداش" في زنقة بن قانة .
كان العيش على هذا النمط يولد الاحترام: احترام الكبير و احترام مكانة الرجل، كما كان يحث على الإيثار مع نبذ الأثرة، و يضفي على علاقات الجوار متانة و صلابة.
كان الإنسان يجد في المدينة الجديدة جل ما يحتاج إليه و لا سيما بعد تخصيص بقعة لبائعي الخضار و بقعة للجزارين قبل جمعهم في سوق سيدي عقبة التي كان وراء إقامتها السّيد سويح الهواري و رفاقه المكونون للهيئة الثانية في المجلس البلدي لمدينة وهران. كان ذلك في غضون السنة 1954.
كان النجارون يتفننون في صناعة "الصندوق" و الصوان. كانوا متجاورين كما تجار الأحذية و تجار الكتان . و قد دأبوا في ذلك دأب النّظام الساري في القيسارية.
كانت العائلة تجد ما تحتاج إليه من تموين غذائي و كان الشراء حسب الحاجة الآنية . و كان البقال يملك الموازين ليكيل العباد حسب ما يطلبونه أو ما تسمح به نقودهم. أما الخبز فكان نادرا ما يجلب من عند الخبّاز! كان طهيه يتم في "كوشة مصطفى" في الطحطاحة، وما أدراك ما الطحطاحة!! كانت هي الأخرى تشكل حق ارتفاق، يتمتع به شطرا المدينة الجديدة و كانت ميدان الفروسية و لعب البارود. لم تكن أقل أهمية من "سبالة الطلبة" ولا من ساحة سيدي بلال الموجودة في قلب المدينة الجديدة.
بارك الله فيك وجزاك الله كل الخير
شكراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
شكراااااااااااااااااااااااا
شكرااا
مشكووووووووووووووووووووووووووووووورة