في طب الكحالة (طب العيون)، كان أهل بغداد يقصدونه للسؤال في عدة علوم، برغم أن المدينة كانت زاخرة بصفوة من كبار علماء العصر.
وقد سمع الحاكم بأمر الله بمقولته عن قدرته على تنظيم أمور النيل، بحيث يصلح للري في كافة أوقات السنة، فاستدعاه إلى بلاطه، وأمده بما يريد للقيام بهذا المشروع، ولكن ابن الهيثم بعد أن حدد مكان إقامة المشروع (وهو نفس مكان السد العالي المقام حاليًا)، أدرك صعوبة أو استحالة إقامة المشروع بإمكانات عصره، فاعتذر للحاكم بأمر الله.
بعد ذلك اتخذ من غرفة بجوار الجامع الأزهر سكنًا، ومن مهنة نسخ بعض الكتب العالمية موردًا لرزقه، هذا بخلاف التأليف والترجمة؛ حيث كان متمكنًا من عدة لغات، وتفرغ في سائر وقته للتأليف والتجربة، وذلك حتى وفاته في عام 1039م، وقد وصل ما كتبه إلى 237 مخطوطة ورسالة في مختلف فروع العلم والمعرفة، وقد اختفى جزء كبير من هذه المؤلفات، وإن كان ما بقي منها أعطى لنا صورة واضحة عن عبقرية الرجل، وإنجازاته العلمية.
منهج ابن الهيثم العلمية
اعتمد ابن الهيثم في بحوثه على أحد منهجين،
• منهج الاستقراء
• منهج الاستنباط
وفي الحالين كان يعتمد على التجربة والملاحظة، وكان همه من وراء البحث هو الوصول إلى الحقيقة التي تثلج صدره، وقد حدد الرجل هدفه من بحوثه، وهو إفادة من يطلب الحق ويؤثره، في حياته وبعد مماته.
وكان ابن الهيثم يرى أن تضارب الآراء هو الطريق الوحيد لظهور الحقيقة. وقد جعل من التجربة العملية منهاجًا ثابتًا في إثبات صحة أو خطأ النتائج العقلية أو الفرضيات العلمية، وبعد ذلك يحاول التعبير عن النتيجة الصحيحة بصياغة رياضية دقيقة.
وقد كان لابن الهيثم مساهماته الجليلة في العديد من العلوم بخلاف علم البصريات؛ ففي علم الرياضيات وضع العديد من المؤلفات، وقد صل إلينا منها 37 مخطوطًا، بعضها كان شرحًا وتعليقًا على مؤلفات الأولين في هذا المجال، والبعض الآخر تأسيسًا لنظريات رياضية حول خصائص المثلث والكرة، وكيفية استخراج ارتفاعات الأجسام، وغير ذلك،
مؤسس علم الضوء
لا بد أن نقرر أن الحضارة الإسلامية أضافت إلى كافة العلوم، ولكن الذي أعلى قدرها بحق هو إبداعها لعلوم غير مسبوقة، ومن هذه العلوم علم الضوء، وصاحب السبق والفضل فيه هو ابن الهيثم بلا منازع، وقد وضع أسس هذا العلم في كتابه الفريد المناظر. وقد ألف هذا الكتاب عام 411هـ/ 1021م، وفيه استثمر عبقريته الرياضية، وخبرته الطبية، وتجاربه العلمية، فتوصل فيه إلى نتائج وضعته على قمة عالية في المجال العلمي، وصار بها أحد المؤسسين لعلوم غيّرت من نظرة العلماء لأمور كثيرة في هذا المجال
مساهمة في علم الفلك
أما في علم الفلك فلابن الهيثم حوالي 20 مخطوطة في هذا المجال، وقد استخدم عبقريته الرياضية في مناقشة كثير من الأمور الفلكية، كما ناقش في رسائله بعض الأمور الفلكية مناقشة منطقية، عكست عبقرية الرجل من جانب، ومن جانب آخر مدى عمق خبرته وعلمه بالفلك، ومن أمثله مؤلفاته:
• ارتفاع القطب
وفيه استخرج ارتفاع القطب، وتحديد خط عرض أي مكان.
• أضواء الكواكب
اختلاف منظر القمر.
• ضوء القمر
وأثبت أن القمر يعكس ضوء الشمس وليس له ضوء ذاتي.
• الأثر الذي في وجه القمر
وفيها ناقش الخطوط التي تُرى في وجه القمر، وتوصل إلى أن القمر يتكون من عدة عناصر، يختلف كل منها في امتصاص وعكس الضوء الساقط عليه من الشمس، ومن ثم يظهر هذا الأثر.
• مقالة في التنبيه على مواضع الغلط في كيفية الرصد.
• تصحيح الأعمال النجومية – ارتفاعات الكواكب.
وغير ذلك كثير.
مساهمة في علم الحركة(ميكانيكا)
أما في علم الميكانيكا كانت دراسته للظواهر الميكانيكية في إطار تجاربه في علم الضوء، ولكنه توصّل إلى رصد ما يلي:
– أن للحركة نوعين:
• الحركة الطبيعية
وهي حركة الجسم بتأثير من وزنه، وهو ما يعرف الآن باسم "السقوط الحر".
• الحركة العرضية
وهي الحركة التي تنتج من تأثير عامل خارجي (القوة)، وهو يرى في الجسم الساقط سقوطًا حرًا أن سرعته تكون أقوى وأسرع إذا كانت مسافته أطول، وتعتمد بالتالي سرعته على ثقله والمسافة التي يقطعها.
– تحليل حركة الجسم:
ينظر ابن الهيثم إلى حركة الجسم أنها مركبة من قسطين (مركبتين)، واحدة باتجاه الأفق، والأخرى باتجاه العمود على الأفق، وأن الزاوية بين المركبتين قائمة، وأن السرعة التي يتحرك بها الجسم هو محصلة هذين القسطين.
– درس تغير سرعة الأجسام عند تصادمها بحسب خصائص هذه الأجسام وميز بين الاصطدام المرن، وغير المرن، وكان ذلك عند تجربته بإلقاء كرة من الصلب (في دراسته لانعكاس الضوء) على سطح من الحديد، وسقوطها على سطح من الخشب أو التراب.
درس إبن الهيثم ظواهر إنكسار الضوءوإنعكاسه بشكل مفصّل ، وخالف الآراء القديمة كنظريات بطليموس ، فنفى ان الرؤية تتم بواسطة أشعة تنبعث من العين ، كما أرسى أساسيات علم العدسات وشرّح العين تشريحا كاملا .
——————————————————-
ازدهرت الحياة الفكرية بشكل كبير في العصر العباسي بسبب ظهور عدد كبير من العلماء والمفكرين البارزين في مختلف العلوم والاداب وميادين المعرفة الاخرى. كما ان تطور الترجمة في اللغات الاجنبية ةالى العربية ساعدت كثيرا على ازدهار الحياة الفكرية ويجب الاننسى التوسع في التعليم العام وبناء المدارس والمؤسسات الثقافية مثل دور العلم والربط فضلا عن المساجد. ومن العلماء البارزين في الفيزياء فقد برز أبو الحسن بن الهيثم وفي علم الجبر محمد بن موسى الخوارزمي في علم الفلك البتاني وغيره الكثير الذين ترجمت مؤلفاتهم إلى اللغات الاوربية واستفادوا منها في النهضة الاوربية الحديثة ولقد اهتم الخلفاء بالعلم والعلماء فقربوهم وشجعوهم ومنهم الخليفة هارون الرشيدالذي اشتهر بتقريبه العلماء والفقهاء والادباء والشعراء والكتاب وشجعهم على البحث والتأليف ووفر لهم كل ما يحتاجون اليه في بحوثهم ودراساتهم.
إبن الهيثم
محمد بن الحسن بن الحسن بن الهيثم أبو علي البصري 965-1039، لقب بالبصري نسبة إلى مدينة البصرة. ابن الهيثم هو عالم عربي في الرياضيات والبصريات والهندسة له العديد من المؤلفات والمكتشفات العلمية التي أكدها العلم الحديث.
ولد ابن الهيثم في ولاية البصرة سنة 354هـ-965 ميلادية، في عصر كان يشهد ازدهارا في مختلف العلوم من رياضيات وفلك وطب وغيرها، هناك انكب على دراسة الهندسة والبصريات وقراءة كتب من سبقوه من علماء اليونان و العالم الأندلسي الزهراوي وغيرهم في هذا المجال، كتب عدة رسائل وكتب في تلك العلوم وساهم على وضع القواعد الرئيسية لها، وأكمل ما كان قد بدأه العالم الكبير الزهراوي.
وكان في كل أحواله زاهدًا في الدنيا؛ درس في بغداد الطب، واجتاز امتحانًا مقررًا لكل من يريد العمل بالمهنة، وتخصص في طب الكحالة (طب العيون)، كان أهل بغداد يقصدونه للسؤال في عدة علوم، برغم أن المدينة كانت زاخرة بصفوة من كبار علماء العصر.
مؤسس علم الضوء
صاحب السبق فيه هو ابن الهيثم، وقد وضع أسس هذا العلم في كتابه المناظر. وقد ألف هذا الكتاب عام 411هـ/ 1021م، وفيه استثمر خبرته الطبية، وتجاربه العلمية، فتوصل فيه إلى نتائج وضعته على قمة عالية في المجال العلمي، وصار بها أحد المؤسسين لعلوم غيّرت من نظرة العلماء لأمور كثيرة في هذا المجال حتى لقبه العلماء ( أمير النور ).
الكتب التي قام بتأليفها
• كتاب المناظر:الذي يعد ثورة في عالم البصريات، فقد رفض فيه عددًا من نظريات بطليموس في علم الضوء، بعدما توصل إلى نظريات جديدة غدت نواة علم البصريات الحديث.
• اختلاف منظر القمر
• رؤية الكواكب
• التنبيه على ما في الرصد من الغلط
تأثيره على العلم الحديث
درس ابن الهيثم ظواهر إنكسار الضوء وإنعكاسه بشكل مفصّل ، وخالف الآراء القديمة كنظريات بطليموس ، فنفى ان الرؤية تتم بواسطة أشعة تنبعث من العين ، كما أرسى أساسيات علم العدسات وشرّح العين تشريحا كاملا . يعتبر كتاب المناظر Opticsالمرجع الأهم الذي استند عليه علماء العصر الحديث في تطوير التقانة الضوئية، وهو تاريخياً أول من قام بتجارب الكاميرا Cameraو هو الاسم المشتق من الكلمة العربية : " قُمرة " وتعني الغرفة المظلمة بشباك صغير
هو محمد بن موسى الخوارزمي، اشتهر بالرياضيات والفلك والهندسة، توفي بعد عام 232 للهجرة.
سيرته:
لم يصلنا سوى القليل عن أخبار الخوارزمي، وما نعرفه عن آثاره أكثر وأهم مما نعرفه عن حياته الخاصة. هو محمد بن موسى الخوارزمي، أصله من خوارزم. ونجهل تاريخ مولده، غير أنه عاصر المأمون، أقام في بغداد حيث ذاع اسمه وانتشر صيته بعدما برز في الفلك والرياضيات. اتصل بالخليفة المأمون الذي أكرمه، وانتمى إلى (بيت الحكمة) وأصبح من العلماء الموثوق بهم. وقد توفي بعد عام 232 هـ .
ترك الخوارزمي عدداً من المؤلفات أهمها: الزيج الأول، الزيج الثاني المعروف بالسند هند، كتاب الرخامة، كتاب العمل بالإسطرلاب، كتاب الجبر والمقابلة الذي ألَّفه لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم، وفي مقاسمتهم وأحكامهم وتجارتهم، وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأرضين وكرى الأنهار والهندسة، وغير ذلك من وجوهه وفنونه. ويعالج كتاب الجبر والمقابلة المعاملات التي تجري بين الناس كالبيع والشراء، وصرافة الدراهم، والتأجير، كما يبحث في أعمال مسح الأرض فيعين وحدة القياس، ويقوم بأعمال تطبيقية تتناول مساحة بعض السطوح، ومساحة الدائرة، ومساحة قطعة الدائرة، وقد عين لذلك قيمة النسبة التقريبية ط فكانت 7/1 3 أو 7/22، وتوصل أيضاً إلى حساب بعض الأجسام، كالهرم الثلاثي، والهرم الرباعي والمخروط.
ومما يمتاز به الخوارزمي أنه أول من فصل بين علمي الحساب والجبر، كما أنه أول من عالج الجبر بأسلوب منطقي علمي.
لا يعتبر الخوارزمي أحد أبرز العلماء العرب فحسب، وإنما أحد مشاهير العلم في العالم، إذ تعدد جوانب نبوغه. ففضلاً عن أنه واضع أسس الجبر الحديث، ترك آثاراً مهمة في علم الفلك وغدا (زيجه) مرجعاً لأرباب هذا العلم. كما اطلع الناس على الأرقام الهندسية، ومهر علم الحساب بطابع علمي لم يتوافر للهنود الذين أخذ عنهم هذه الأرقام. وأن نهضة أوروبا في العلوم الرياضية انطلقت ممّا أخذه عنه رياضيوها، ولولاه لكانت تأخرت هذه النهضة وتأخرت المدنية زمناً ليس باليسير.
مؤسس علم الجبر
الخوارزمي مؤسس علم الجبر كعلم مستقل عن الحساب، وقد أخذه الأوربيون عنه. كما أنه أول من استعمل كلمة "الجبر" للعلم المعروف الآن بهذا الاسم. فلحد الآن ما زال الجبر يعرف باسمه العربي في جميع اللغات الأوربية. وترجع كل الكلمات التي تنتهي في اللغات الأوربية بـ "algorism/algorithme" إلى اسم الخوارزمي. وهو أول من ألف في الجبر. كما يرجع إليه الفضل في تعريف الناس بالأرقام الهندية (وهي التي تعرف بالأرقام العربية). ومن الإسهامات الهامة للخوارزمي في الرياضيات اكتشافه بعض القواعد وتطويرها، ومنها : قاعدة الخطأين، والطريقة الهندسية لحل المربعات المجهولة وهي التي تسمي اليوم باسم المعادلة من الدرجة الثانية، كما نشر الخوارزمي أول الجداول العربية عن المثلثات للجيوب والظلال، وقد ترجمت إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر. إضافةً إلى إسهاماته الكبرى في الحساب، أبدع الخوارزمي في علم الفلك وأتى ببحوث جديدة في المثلثات، ووضع جداول فلكية (زيجاً). وقد كان لهذا الزيج الأثر الكبير على الجداول الأخرى التي وضعها العرب فيما بعد، إذ استعانوا به واعتمدوا عليه وأخذوا منه.
الخوارزمي مفهوم الخوارزمية في الرياضيات و علم الحاسوب، (مما أعطاه لقب أبو علم الحاسوب) عند البعض، حتى ان كلمة خوارزمية في العديد من اللغات (و منها algorithmبالانكليزية) أشتقت من أسمه، بالاضافة لذلك، قام الخوارزمي باعمال هامة في حقول الجبر و المثلثات والفلك و الجغرافية و رسم الخرائط. ادت اعماله المنهجية و المنطقية في حل المعادلات من الدرجة الثانية إلى نشوء علم الجبر، حتى ان العلم اخذ اسمه من كتابه حساب الجبر و المقابلة، الذي نشره عام 830، و انتقلت هذه الكلمة إلى العديد من اللغات (Algebraفي الإنكليزية).
هو ابن عبد الله محمد بن سنان بن جابر الحراني المعروف باسم "البتاني"، ولد في بتان نواحي حرَّان حوالي 850م وتوفي في العراق سنة 929.
يُعدُّ البتاني من عباقرة علم الفلك في العالم، وكذلك من عباقرة علمي الجبر وحساب المثلثات، وهو من الذين أسدوا خدمات جليلة لتطور العلوم الرياضية عبر التاريخ البشري.
شتهر برصده للكواكب والأجرام السماوية، وبالرغم من بدائية الآلات التي استعملها فقد توصَّل لنتائج مذهلة ما زالت محطّ إعجاب العلماء ودهشتهم، وبقيت جداوله الرياضية وبراهينه الهندسية من أهم المراجع حتى بداية القرن الثامن عشر، فاعتبره كل من "كاجوري" و"هاليه" من أعظم علماء الرصد، وسمَّاه بعض الباحثين "بطليموس العرب"، وفيه قال سارطون: "إنَّ البتاني من أعظم علماء عصره وأنبغ علماء العرب في الفلك والرياضيات"، وقال العالم الفرنسي الشهير "لالاند": إنَّ البتاني من العشرين فلكياً المشهورين في العالم كله
أهم منجزاته:
فقد أصلح قيمة الاعتدالين الصيفي والشتوي، وكذلك حدَّد قيمة ميلان فلك البروج على فلك معدل النهار، (أي: ميل محور دوران الأرض حول نفسها على مستوى سباحتها حول الشمس)، ووجد أنه يساوي 23 درجة و35 دقيقة، وتبين حديثاً أنه أصاب في رصده إلى حدِّ دقيقة واحدة، وكذلك حدَّد طول السنة الشمسية رغم بدائية الآلات التي استخدمها فكانت نتائجه 365 يوما و5 ساعات و46 دقيقة و24 ثانية، وأخطأ بالنسبة للحسابات الحديثة بدقيقتين و22 ثانية فقط.