يا من جعلت همّك من الدُّنيا الطَّعنَ والانتقاصَ من خليل الله محمَّد بنِ عبد الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لا تفرحْ.
يا من سخّرت لسانَك وقلمَك وأوراقَك ووو للاستهزاءِ بخير خلق الله محمَّد بنِ عبد الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لا تفرحْ.
يا من تجرّأت على المؤمناتِ القانتاتِ العفيفاتِ الطّاهراتِ أزواجِ رسولِ الله-صلَّى الله عليه وسلَّم- لا تفرحْ.
يا من تؤذِي رسولَ الله لا تفرحْ ولا تظنَّ أنَّك نجوتَ
فاللهُ منتقمٌ لرسولِه-صلَّى الله عليه وسلَّم- ممَّن آذاه وأساءَ إليه ولو بعدَ حين.
فهو القائل سبحانه: ﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾[الحجر: 95].
وهو القائل -عزَّ وجلّ-: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾[الكوثر: 3].
وهو القائل سبحانه وتعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾[التوبة: 40].
قال الطَّبري-رحمه الله- عن هذه الآية: (وهذا إعلامٌ من الله أصحابَ رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنّه المتوكِّل بنصر رسولِه على أعداءِ دينِه وإظهارِه عليهم دونَهم، أعانُوه أو لم يعينوه، وتذكيرٌ منه لهم فعلَ ذلك به) (1)
وانظر إلى هذه القصَّة المعبِّرة العجيبة:
روى البخاري (2) ومسلم (3) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ-رضي الله عنه-، قَالَ: "كَانَ مِنَّا رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَدْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى لَحِقَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، قَالَ: فَرَفَعُوهُ، قَالُوا: هَذَا قَدْ كَانَ يَكْتُبُ لِمُحَمَّدٍ فَأُعْجِبُوا بِهِ، فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ، فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ، فَأَصْبَحَتِ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ، فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحَتِ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ، فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحَتِ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا ".
وفي رواية البخاري: "…فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَعَلِمُوا: أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ(4)، فَأَلْقَوْهُ ".
أوَّلا: انظر إلى فعل أهل الكتاب به لمَّا علموا منزلتَه من محمَّد-صلَّى الله عليه وسلَّم-، هل أهانوه أوطردوه؟ هل ضربوه أو قتلوه؟
كلَّا -والله- بل رفعُوه وقرَّبُوه؛ وذلك لأنَّهم حسبُوه من أهلِ العلمِ وأصحابِ النَّبي-صلَّى الله عليه وسلَّم-، ولقد كان كذلك ولكن…
وهكذا شأنُ كلِّ من تمسَّك بالكتاب والسُّنّة شأنُه أن يُرفع، شاء النَّاس أو أبوا.
قال سبحانه: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾[المجادلة: 11].
ولكن من أعرض عن الكتابِ والسُّنَّة، وابتغى الرِّفعة من غير طريقِهما، كان حقّه المذلَّة والهوان.
قال عزَّ وجلّ: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾[الأعراف: 175-176].
وهذا الأمرُ لا يحتاج إلى بسط وبيان، فهو مشاهَدٌ للعيان. والله المستعان.
قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية-رحمه الله- وهو يتحدَّث عن الحديث السَّابق: " فهذا الملعون الذي افترى على النّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- " أنَّه ما كان يدري إلَّا ما كتب له " قصمَه الله وفضحَه بأنْ أخرَجه من القبر بعد أن دُفن مرارًا، وهذا أمرٌ خارجٌ عن العادة، يدل كلَّ أحد على أنَّ هذا عقوبةٌ لِما قاله، وأنَّه كان كاذبًا، إذ كان عامَّة الموتى لا يُصيبُهم مثل هذا، وأنَّ هذا الجرمَ أعظمُ من مجرَّدِ الارتدادِ، إذ كان عامَّة المرتدِّين يموتُون ولا يصيبُهم مثلُ هذا، وأنَّ الله منتقمٌ لرسولِه ممَّن طعن عليه وسبَّه، ومظهرٌ لدينِه ولكذبِ الكاذِب إذَا لم يُمكن النَّاس أن يقيمُوا عليه الحدّ.
ونظيرُ هذا ما حدَّثناه أعدادٌ من المسلمين العدول أهلِ الفقهِ والخبرةِ عمَّا جرَّبُوه مرَّات متعدِّدة في حَصْرِ الحُصون والمدائِن الَّتي بالسَّواحل الشَّامية، لمَّا حَصَرَ المسلمون فيها بني الأصفرِ في زماننا، قالوا: كنَّا نحن نحصُرُ الحِصْنَ أو المدينةَ الشَّهرَ أو أكثرَ من الشَّهر وهو ممتنعٌ علينا، حتى نكاد نيأس منه، حتَّى إذ تعرَّض أهلُه لسبِّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- والوقيعةِ في عرضه، فعجلنا فتحه وتيسَّر، ولم يكد يتأخَّر إلا يومًا أو يومين أو نحو ذلك ثم يُفتح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا: حتَّى إن كنَّا لنَتَباشَر بتعجيلِ الفتحِ إذا سمعناهم يقعُون فيه، مع امتلاء القلوبِ غيظا عليهم بما قالوا فيه.
وهكذا حدّثني بعض أصحابنا الثِّقات أنَّ المسلمين من أهل المغرب حالُهم مع النَّصارى كذلك، ومن سنَّة الله أن يعذِّب أعداءَه تارةً بعذابٍ من عندِه وتارةً بأيدي عباده المؤمنين ".
فيا من تسبُّ رسولَ الله-صلَّى الله عليه وسلَّم- وتطعنُ في عرضِه الشَّريف لا تفرحْ بإمهالِ الله لك.
فإنَّما حالك كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾[آل عمران: 178].
فالله يملي لك لتزدادَ إثما، ولتسوِّدَ صحائفَك بالطّعن في أحبِّ الخلقِ إليه وأفضلِهم.
ولا تغترّ أيُّها الطَّاعن اللَّئيم بتقلُّبِك في نعمِ الله، فإنَّ الله سبحانَه يقول: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾[الأنعام: 44].
ونبيَّنا-صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: " إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ " قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ:﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: 102] " (5) .
الحواشي :
(1) : تفسير الطَّبري (14/257).
(2) : في الصَّحيح برقم (3617).
(3) : في الصَّحيح برقم (2781).
(4) : أي: ليس من فعلهم، وإنَّما من فعل ربِّ النَّاس سبحانه وتعالى.
(5) :أخرجه البخاري في صحيحه برقم (4686)، ومسلم في صحيحه برقم (2583).
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك أخيتي على المقال الجميل و جزاك خيرا
يقول الله عز و جل في سورة غافر : " إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ "
حسبنا الله و نعم الوكيل على كل من اعتدى و لو بكلمة في حق رسول الله صلى الله عليه و سلم و أزواجه الأطهار و صحبه الكرام و يكابر و يفخر بذلك سواء من اليهود أو النصارى أو الروافض أو الملحدين أو غيرهم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وإياكِ أخيتي
ونسأل الله أن يغفر لنا تقصيرنا في حق رسولنا صلوات الله وسلامه عليه في اتباع سنته والعمل بها والله المستعان
صلى الله على الحبيب المصطفى ووالله لن يضر السحاب نبح الكلاب
حسبنا الله ونعم الوكيل في هذا الجلف
بارك الله فيكم
قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [آل عمران: 31]، قال ابن كثير -رحمه الله-: « هذه الآية الكريمة حاكمةٌ على كُلِّ من ادعى محبةَ اللهِ وليس هو على الطريقة المحمَّدية، فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمَّدِيَّ، والدِّينَ النبويَّ في جميع أقواله وأفعاله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، أنه قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»» [ متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها ].
[«تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (1/ 358)]
بأبي و أمي أنت يا حبيبي يا رسول الله اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد *صلى الله عليه و سلم*
كلنا مع الحبيب المصطفي و نرجو من الجميع نشراسم الرسول في كل المواقع الغربية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا جميعا على مشاركاتكم الطيِّبة
من يبحث عن نصرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فهناك عدة طرق للنصرة ولعل أهمها ,,, التمسك بسنته صلى الله عليه وآله وسلم والعمل بها ونشر روائعها والإقتداء به صلى الله عليه وسلم في كل فعل وقول وعمل والصلاة والسلام الدائمة عليه والمودة في القربى "قل لا اسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى" وغير ذلك من الطرق والأساليب التي ترفع من قدرنا عوضا عن أن هناك أساليب كثيرة لنقنع به الآخرين بأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إنسان ذو خلق رفيع من خلال الحوار البناء اللطيف معهم فهؤلاء الشامتون الشاتمون أناس ضالون وعلينا مهمة هدايتهم والله يقول لنبيه الرحيم {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ }آل عمران159,,, فعلينا بالدفاع البناء عن رسولنا وديننا بعيدا عن الصخب والشتم واقتحام السفارات وإقحام أنفسنا في مواجهة متعنتة مع الآخرين لأنهم لن يخضعوا أبدا لاستفزازاتنا كما أننا لن نخضع لاستفزازاتهم وسيستمرون في إنتاج الأفلام المسيئة بطرق أشد وأقبح وللأسف هم منتصرون علينا في مجال التكنولوجيا والتطور وستستمر ردة فعلنا الخاطئة عليهم ولن نخرج إلى نتيجة ,,,, فيجب أن تكون ردة فعلنا ردة فعل صائب مهما كان الفعل الخاطيء …. والله المستعاااااااااااااااااان
|
صدقتِ أخية ، جزاك الله خيرا
شكرا لك مشكور
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
"مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ."
رواه مسلم
في "صحيح مسلم" (رقم:249) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ: (( السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا )).
قَالُوا أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: (( أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ )).
فداك أنفسنا وآباؤنا و أمهاتنا و ما نملك يا رسول الله
اللهم صل على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
«الورقات – الرياض»
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله ربِ العالمين، وصلى اللهم وسلمَ على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فإن الموضوع مهمُ ُ جداً،ألا وهو موضوع الرد على أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم،من المشركين، واليهود والنصارى، والمنافقين وأصحاب الشهوات والشبهات،نحنُ نعلم جميعاً أنهم لا يضرون الرسول صلى الله عليه وسلم مهما قالوا،ومهما تكلموا فإن غيظهم في نحورهم، والنبي صلى الله عليه وسلم منصورُ ُومؤيدُ ُ من قبل الله جلاٌ وعلا ، الذي أرسله كإخوانه من النبيين كما قال تعالى: ﴿إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة﴾، فهم إنما ضروا أنفسهم ولن يضروا الله شيئاً ولن يضروا رسوله صلى الله عليه وسلم، ولن يضروا المسلمين وليس ما ظهر من سبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم،ويتكرر في هذا الزمان ليس هذا بغريب، فإن هذا منذُ أن بعثه الله جلاٌ وعلا وأعدائهُ ينالوا منهم ومن رسالته، فالمشركون وعبدة الأوثان ينالون منهُ انتصاراً لأصنامهم، وأوثانهم التي جاء صلى الله عليه وسلم بإبطال عبادتها، قال الله جلاٌ وعلا: ﴿إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون﴾، انظرْ وصفوه بأنه شاعر، ووصفوه بأنه مجنون ،ووصفوه بأنه ساحر،ووصفوه بأنه كذاب،ووصفوه بأوصافٍ اخترعوها من عند أنفسهم، إنما تليق بهم هم ولا تليق برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما أهل الكتاب فهم يعلمون أنه رسول الله،يعرفونه كما يعرفون أبنائهم،وإنما حملهم على سبهِ وتنقٌصهِ الحسد، ﴿حسداً من عندي أنفسهم من بعدِ ما تبين لهم الحق﴾، والحاسد إنما يضرُ نفسه، ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾.
وأما المنافقون فآذوهُ صلى الله عليه وسلم لأنهم كفارٌ ُفي الأصل والباطن، فهم مع الكفار ومع الوثنيين، ومع اليهود والنصارى، لكنهم أظهروا الإسلام خديعة،يخادعون الله والذين آمنوا، ولذلك يؤذون الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنهم الذين يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون هو أُذن، هذه مقالة المنافقين والله جلاٌ وعلا قال فيهم: ﴿إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا﴾، أو أصحاب الشهوات الذين رأوا إن في إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم منعاً لشهواتهم المحرمة وهم يريدون الزنا ،ويريدون الخمر، ويريدون الربا، ويريدون ما ألِفوه ونشئوا عليه، أو اشتهتهُ أنفسهم فلذلك عادوا الرسول صلى الله عليه وسلم، من أجل البقاء على شهواتهم وكلهم لم يضروا الرسول صلى الله عليه وسلم، فالرسول رفع الله درجته وأعلى منزلته، قال تعالى: ﴿ومن الليل فتهجد بهِ نافلة لك عسى أنٌ يبعثك ربك مقاماً محموداً﴾.
قال سبحانه وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿إنٌا أعطيناك الكوثر﴾، وهو نهر في الجنة أو هو الخير الكثير، ﴿فصلِّ لربك وأنحر(2) إن شانئك هو الأبتر(3)﴾، شانئك أي مبغضك لأنهم قالوا إن محمداً صلى الله عليه وسلم ليس له عقب، يعني ليس له أولادُ ُبعدهُ يعيشون بعده،وأنه سوف ينقطع ذكره ويُبتر ذكره،الله جلٌ وعلا قال: ﴿إن شانئك هو الأبتر﴾؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم محمودُ ُ عند الله وعند خلقه، حياً وميتاً أما هم فإن العار يلحقهم،والبتر يلحقهم .
البتر المعنوي، والبتر الحسي، فلم يضروا الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً، وفي هذه الآية لمٌا بعثه الله عزٌ وجل في مكة ودعا إلى الله سراً خشيةً من أذى المشركين في أول أمره.
أمره الله سبحانه بالجهر بالدعوةِ علانية وضمِنَ له الحماية،فقال له سبحانه وتعالى: ﴿فأصدع بما تؤمر() وأعرض عن المشركين () إنٌا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إله آخر فسوف يعلمون﴾، إنٌا كفيناك المستهزئين الذين يستهزؤون بالرسول صلى الله عليه وسلم، كفاه الله شرهم، وردَ كيدهم في نحورهم، ولم يستطيعوا منع الرسول صلى الله عليه وسلم من دعوته، ولم يستطيعوا منع الناس من الاستجابةِ له ولم يستطيعوا محاصرة الإسلام في مكة والمدينة، بل امتدٌ الإسلام في المشارقِ والمغاربِ وبلغ مبلغ الليلِ والنهار، مصداقاً لقوله تعالى: ﴿هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون﴾.
فظهر دينُ الله في المشارقِ والمغارب رغم أنوفهم،واستمر وسيستمر إلى أن تقوم الساعة، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفةً من أمتي على الحق غائرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم،حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى،))، ﴿يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون﴾، والله جلٌ وعلا يُتمُ نوره ولن يطفئوه بأفواههم، ونفخهم بأفواههم ليطفئوا الضياء الذي جاء به صلى الله عليه وسلم، لأن الله جلٌ وعلا يحميه ويحفظه وإذا كان الله هو الحافظ له فلن يستطيع أحدُ ُ أن ينال منه،ولهذا قال إنٌا كفيناك المستهزئين، فأمره بالاستمرار على الدعوة بالمنهج السليم الذي رسمه له ولا يخشى في الله لومة لائم، ولن يضروه أحد، قال تعالى: ﴿يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل اليك من ربّك وأن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس﴾؛ فالله أمره أن يُبلغ ما أُنزل إليه من ربه،وكفل له العصمة من أذى الناس، وقد تحقق وعد الله سبحانه وتعالى انتصر الإسلام، واندحر أعدائُهُ، وصار هذا الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال الله : (ورفعنا لك ذكرك)، فصار يُذكر اسمهُ صلى الله عليه وسلم مع اسم الله، في الخطب والآذان والإقامة، ويُرفع ذكرهُ مع ذكر ربه سبحانه وتعالى في الشهادتين على رؤوس المنائر، وحتى الآن يُسمع في المشارق والمغارب، بواسطة البث والفضائِيات والاتصالات،ولا أحد يمنع هذا من البشرية، من جميع أعداء الرسول ما يستطيعون أن يمنعونَ أن ينادي بالشهادة له بالرسالة عليه الصلاة والسلام، لأن الله حمى رسوله وحمى ذكره من هؤلاء، وإذا رجعنا إلى تاريخ أهل الكتاب مع أنبيائهم لم نستغرب ما يصدر منهم في حق الرسول صلى الله عليه وسلم، إنٌ الواجب علينا جميعاً أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أن نُنَاصر رسولنا صلى الله عليه وسلم،وأنٌ نذُبٌ عنه وأنٌ نرد على هؤلاءِ الحاقدين بجميع طوائفهم،الله جلٌ وعلا قادرُ ُعلى أن ينصرَ رسوله وقد نصره،لكنه أمرنا بنُصرته صلى الله عليه وسلم، ابتلاءً وامتحاناً لنا فإن نصرناه آجرنا الله على ذلك، وأثابنا وأن تخاذلنا ولم ننصُره فإن الله سبحانه وتعالى سيُعذبنا ويُعاقبُنا في الدنيا والآخرة، الرسول صلى الله عليه وسلم ليس بحاجة إلى نُصرتنا لأن الله نصره، وقال: ﴿إنٌا كفيناك المستهزئين والله يعصمك من الناس﴾.
وهذا سؤال للشيخ: أحسن الله إليكم هذا سائل يقول فضيلة الشيخ نُريدُ خطواتٍ وأساليب عملية وفاعلة لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم؟
أجاب الشيخ حفظه الله: أول شيء بإتباعه صلى الله عليه وسلم ،تحقيق إتباعه صلى الله عليه وسلم وتقديم قوله على قولِ كلِ أحد، تقديم سنته صلى الله عليه وسلم هذا أول شيء،ثم دراسة سيرته صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه وأتباعه من أجلِ أن نقتدي بهم في نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم،كيف نصروا الرسول،كيف دافعوا عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
من جهود سماحة الشيخ ابن باز في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم
الشيخ:
عدد مرات التحميل: 424
الحجم: 0.95 MB
الشيخ محمد رسلان حفظه الله