يتساءَل كثيرٌ مِنَ الناس: هل هناك غذاءٌ صحِّي للعين؟ وهل تُساعد بعضُ الأطعمة على الوقاية مِن أمراض العيون؟
والجواب: نعمْ، هناك العديد من الدلائل على أنَّ الغذاء المتوازن قادرٌ – بإذن الله – على حماية بصرِك.
حيث أكَّد فريقٌ منَ العلماء أنَّ سِرَّ الوقاية من معظم المشكلات المرَضية التي تُصيب العين يكمُن في التغذية السليمة والجيِّدة.
فقد أظهرتْ نتائجُ دراسة أُجريتْ عام 2024م (عن ارتباط مرض العين بالعمر) (ARMD) أنَّ للمكمِّلات الغذائية تأثيرًا في الأشخاص الأكثر عرضةً للإصابة بالمراحل المتقدِّمة من مرض الضمور البقعي في شبكية العين، فقد تمكَّن الأشخاص الذين خضعوا للدِّراسة مِن خفْض هذا الخطر بنسبة تبلغ حوالي 25 %، كما انخفض لديهم خطرُ فقدان البصر نتيجةَ هذا المرض إلى نسبة 19 %، وكانتْ تلك الدِّراسة بعدَ تناول هؤلاء الأشخاص موضعَ البحث؛ لكميات كبيرة مِن فيتامين (A) (البيتاكاروتين) وفيتامين (C) و(E)، وبعض المعادن مثل: الزنك والنحاس في الغذاء.
وفي دِراسة نشرتْها مجلة "الأخبار الصحية" الأمريكيَّة أشار العلماءُ إلى أنَّه بالإمكان التخفيف مِن حِدَّة الاضطرابات البصَرية؛ مثل: الانحراف أو الاستجماتيزم، وعيوب النظر الانكِسارية الأخرى، عنْ طريقِ زيادة تناوُل موادّ طبيعيَّةٍ تحتوي على مُضادات الأكسدة؛ مثل: فيتامينات "A " و"C" و"E" وبيتا كاروتين وعنصر السيلينيوم، وجميعُها موجودة في الثوم والبصل، وحبوب القمح، والفواكه الطازجة والخضراوات.
ومُضاداتُ الأكْسدة هي موادُّ طبيعية تُعادل أو تمنع تأثيرَ ما يُعرف بالشوارد الأوكسيجينية الحرَّة الناتجة عن استهلاكِ الطاقة في الخلايا، والذي يُسبِّب قائمةً طويلةً من الأمراض شديدة الخطورة.
أشار الباحِثون أيضًا إلى أنَّ السبانخ والجزر، والخيار والبقدونس، والبقوليات بأنواعها، مثل: الكستناء والقرنفل والهندباء، إلى جانبِ شرْب العصائر الطازجة جميعها مِنَ الأطعمة التي تحافظ على سلامةِ العين والنظر.
ويَنْصَح هؤلاء بضرورةِ تخفيفِ تناوُل السُّكريات والأغذية عالية الدهون؛ لأنَّها تسبِّب تكوين الشوارد الحرَّة التي تُسبِّب تلفَ العين، إضافةً إلى تجنُّب أشعة الشمس المباشِرة ووهج الضوء، وذلك بلبس نظارات شمسيَّة خاصَّة.
ويَرى العلماء أنَّ فيتامين "C" هو مضادٌّ مهم للأكسدة، ويوجد بتركيزاتٍ عالية في الجزء السائل من العَيْن، وبمعدَّل يَزيد بحوالي 30 إلى 50 مرَّة على مستوياته في الدَّم.
وأظهرتِ الدِّراساتُ الحديثة أنَّ تركيز فيتامين "C " في سائل العين وفي الدم يقلُّ كثيرًا، أو يكاد يختفي في عدساتِ العين المصابة بمرَض الساد أو الكتاركت، أو الماء الأبيض أو إعتام عدسة العين، ويرى الباحثون أنَّ تناوُل حوالي ألْف ملليجرام يوميًّا من فيتامين "C" يمكن أن يُوقِف تقدُّم المرضَ إلى مراحلِه الخطِرَة، معربِين عنِ اعتقادهم بأنَّ المدخنين والأشخاص المصابين بالتوتُّر يحتاجون إلى هذا الفيتامين بصورةٍ أكثرَ مِن المعتاد؛ للتخفيف من التأثير الضارِّ للتدخين والضغوط النفْسيَّة.
ويُعتبر التوازُن الغذائي عامِلاً أساسيًّا في صيانةِ بِنية العين المعَقَّدة، وهذا الأمر صحيح أساسًا بالنسبة للشبَكية، وهي الجزء الأكثر دقَّةً في العين.
وهناك موادُّ محدَّدة تُسهِم في الحفاظ على صحَّة الشبكية، وعلى تجديد خلاياها، وهي:
فيتامين A:
الذي يُشكِّل الملونات في الشبكية، وهو موجود أساسًا في زيوت كبد السمك، وفي سلابةِ الغَنَم والبقر والإبل؛ (أكارعها والكَبد والطِّحال….).
أمَّا في العالَم النباتي فإنَّ المواد السابقة للفيتامين A هي البيتا – كاروتين والجزريات الأُخرى، وهذه الموادُّ موجودةٌ في الجزر وفي بعضِ الأعشاب البحريَّة.
الفوسفوليبيد:
وهي المكوِّنات الأساسية لكلِّ أغشية خلايا الشبكيَّة، تركيبها طويلٌ وصعب، وربما غير موجود، وإذا كان مِن الصعب الحصولُ عليها عبرَ الغذاء؛ نظرًا إلى أنَّ قدرة تحويلها ناقِصة، فإنَّه بالإمكان إيجادها على شكل إضافة غذائيَّة مركَّبة من البيض أو (فوفوسفوليبيد).
حامض دوكسايكز أينوبيك (DHA):
وهو حامض دُهني صاحب سلسلة طويلة جدًّا، وهو أكثر ما يتواجَد في الخلايا العصبيَّة للشبكيَّة، يمكن العثور عليه في زيوت أسماكِ البِحار الباردة، وأيضًا في بعضِ الأعشاب البَحَرية.
الفلافونييد والأنتيوسيان:
وهما جزءٌ من أسرة "التانين" يَحميانِ الأوعيةَ الدموية، وخاصَّة الشعيرات منها، فيحولان دون النزيف داخلَ العين، وهما موجودانِ في العديد مِن النباتات والفواكه، وخاصَّة في الثمار البرية، وفي قِشْر العنب وبذوره وفي قِشْرة الصنوبر.
الزنك:
الذي يُلاحَظ نقصُه نتيجةَ فقر الغذاء بالحبوب الكاملة وبخميرة البيرة، التي تُشكِّل المصدر الأساسي له، وهو موجودٌ في الشبكية في العديدِ من الإنزيمات.
فيتامين E:
وهو ليس خاصًّا بالشبكية وحْدَها، ولكنَّه يشكِّل أحدَ أفضل المواد لمحارَبة التأكسُد، ودوره أساسي في حمايةِ الدهنيات من التأكسُد، وبما أنَّ الشبكية غنيَّةٌ بالحوامض الدُّهنية غير المشبعة، فإنَّ هذا الفيتامين ضَروري لحسْن عملِها كما المغذيات المذكورة سابقًا.
الأغْذِية المُفيدة للعَيْن:
1- الجَزر الأصفر:
الجزر مُقوٍّ للنظر وللدورة الدمويَّة في الجسم، ومِن الممكن أن يُوفي باحتياجات فيتامين c في جِسم الإنسان، ويُسمَّى عند خُبراء التغذية بمَلِك الخضار؛ ونظرًا لقيمته الصحيَّة والغذائية العالية، يُفضَّل أكلُه بعد تقطيعه لدوائرَ حلقية حتى يسهلَ مضغُه، وكما يُفضُّل عدمُ تقشيره؛ لأنَّ الفائدة في قشوره الخارجيَّة.
يُعدُّ الجَزر مُنشِّطًا بشكل عام، وهو مفيدٌ لعلاج مرض السكري، وهو مفيدٌ في فترة النقاهة، ويُستخدَم في علاجِ فقْر الدم والإسهال عندَ الأطفال.
كما تُستعمل أوراقُه لمداواة الجروح والحكَّة، وتَشقُّق الجِلْد الناجِم عن البرد.
ويُشكِّل الجزر مصدرًا غنيًّا للكاروتين الضروري للنظر، كما يُفيد في إعادةِ بناء البروتوبلازما في الجسم، ويتحوَّل الكاروتين بواسطةِ الكبد إلى فيتامين "A" حيث يُخزَّن هناك.
ويَحتوي الجَزر على كميَّات كبيرة مِن الكالسيوم سهْل الهضم، إضافةً لاحتوائه على فيتامينات "A" و"C" و"D".
ويُساعد عصير الجزر على التخلُّص من الالتهابات المعوية، كما يُساعد في شفاءِ قُرْحة المَعِدة، فضلاً عن أنَّه مُدِرٌّ للبول.
ونظرًا لقدرة عصير الجزر على طرْد الحامض البولي مِنَ الدم، فإنَّ الأطبَّاء يصفونه لمساعدة مرْضَى النقرس، (وهو أحدُ أمراض التِهاب المفاصل)، ولعلاج أوجاع حصَى المرارة وأمراض الكبد، والسُّلِّ.
2- الكمأة (الفقع):
والكمأة نباتٌ فِطري، وتُشبِه في شكلها البطاطا، مع اختلاف في اللون؛ إذ تميل إلى اللون البُني الغامِق، وهي لا ورقَ لها ولا جِذع، تنمو في الصحاري، وتحتَ أشجار البلوط، وليس في تركيبها ماء اليخضور Chlorophyl، وتكثر في السنوات الماطِرة، وخاصَّة إذا كان المطر غزيرًا أوَّلَ الشتاء، فتنمو في باطنِ الأرض وعلى عمق 15 – 20 سم، وحجمها يختلف ما بيْن الحِمَّصة وحتى البرتقالة، ولها رائحةٌ عطرية، وهي غنيَّة بالبروتين؛ إذ تبلغ نسبته فيها 9 %، وعلى النشويات والسكريات بنسبة 13 %، وعلى كمية قليلة مِن الدسم تبلغ 1 %، كما يتضمَّن بروتينُها بعضَ الحموض الأمينية الضرورية لنموِّ الخلايا.
وتحتوي الكمأة على الفسفور والبوتاسيوم، والصوديوم والكالسيوم، كما أنَّها غنية بالفيتامين ب1 أو الريبوفلافين، الذي يُفيد في هشاشة الأظافر وسُرْعة تقصُّفها، وتشقُّق الشفتين، واضطراب الرؤية، وتعتبر الكمأة وغيرها مِن الفطور موادَّ رئيسيَّة في موائدِ الغرْب، يصنعون منها الحساء، ويُزيِّنون بها موائدَهم.
والكمأة مع ذلك تفوق جميعَ أنواع الفطور الأخرى في قِيمتها الغذائية، وذات خواص مقوية.
وبالنسبة للكمأة أو الفقع، فيكفي ما ورد في الصحيحَيْن عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – حين قال: ((الكمأة مِنَ المَنِّ، وماؤها شفاءٌ للعَيْن)).
وهناك حكايةٌ تدلُّ على أنَّ ماء الكمأة لا يُتداوى بها بمجرَّد استخراجها مِن خلايا النباتات، وإنما لا بدَّ مِن غليها وسلْقِها في الماء، أو خلْط مائها بمادة أخرى.
فقد حَكَى عليُّ بن الجهم: أنَّ المتوكل أمير المؤمنين دعاه، وقال له: لقدْ أكثرتُ من الأدوية لعيني، فلا تزداد إلا رمدًا، فسلِ العلماء: هل يعرفون حديثًا في ذلك؟
فمضيتُ إلى أحمدَ بن حنبل فسألتُه، فقال: رَوى لنا شهرُ بن حوشب، عن عبدالرحمن بن غُنْم، عن أبي هريرة – رضي الله عنه -: أنَّ النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((الكمأة مِن المن، وماؤها شفاءٌ للعين)).
فرجعتُ إلى المتوكِّل فأخبرتُه، فقال: ادعُ لنا الطبيب – وكان مسيحيًّا، واسمُه يوحنَّا ابن ماسويه – فدعوتُه فقال له المتوكل: كيف يُستخرَج ماء الكمأة؟ فردَّ عليه يوحنا: أنا أستخرِج ذلك.
ثم أخذ الكمأة فقَشَّرها ثم سَلَقها، حتى نضجِت أدْنى نضج، ثم شقَّها وأخرَج ماءَها، فكحَّل به عينَ المتوكِّل فبرأتْ في الدفعة الثانية، فعجب يوحنا، وقال: أشهد أنَّ صاحبكم كان حكيمًا؛ يقصد: الرسول – عليه السلام.
وللكمأة استعمالاتٌ طِبيَّة كثيرة، إلا أنَّ أهمَّها الدِّراسة الإكلينيكية، التي أُجريت على مرضَى مصابين بالتراخوما في مراحلِها المختلفة، مستخدمين ماءَ الكمأة في نِصف المرضى والمضادات الحيويَّة في النِّصْف الآخَر، وقد تبيَّن أنَّ ماء الكمأة أدَّى إلى نقْص شديد في الخلايا الليمفاوية، ونُدرة في تكوين الألياف بعكسِ الحالات الأخرى التي استخدمتْ فيها المضادات الحيويَّة.
وقدِ استنتج أنَّ ماء الكمأة يمنَع حدوث التليُّف لمرضَى التراخوما، وذلك عن طريقِ التدخُّل إلى حدٍّ كبير في تكوين الخلايا المكونة للأليافِ، وفي نفس الوقت أدَّى إلى منْع النموِّ غير الطبيعي للخلايا الطلائية للملتحمة، ويَزيد مِن التغذية لهذه الخلايا عن طريقِ توسيع الشُّعيرات الدمويَّة بالملتحمة.
ولما كانتْ معظمُ مضاعفات الرمد الحبيبي نتيجةَ عملية التليُّف كما أسلفنا؛ فإنَّ ماء الكمأة يمنْع حدوثِ مضاعفات التراخوما أو الرمد الحبيبي.
وتُستعمل الكمأة لعلاج اضطراب الرُّؤية.
3- البقدونس:
البقدونس غذاءٌ مُنشِّط للذاكرة؛ كما أنَّه مِن أكثر النباتات احتواءً على فيتامين c، وهو يفوق الليمون في ذلك.
وكذلك فيتامين a المفيد للبصَر، وفي تقوية النظر، ومنْع العشَى الليلي.
4- التمر:
قال الرسولُ – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((بيْت لا تَمْرَ فيه جياعٌ أهله)).
يوجد بالتَّمْر موادُّ سُكريَّة بنسبة 70 %، و20 – 30 % في البلح، ومعادن كثيرة مهمَّة، منها الكالسيوم والبوتاسيوم، ونسبة عالية مِن الفسفور.
يحافظ التَّمْر على النظر، ويُقوِّي الأعصابَ البصريَّة.
ويُؤكَل لتقوية النظرِ وعلاج العشَى الليلي، وجفاف العين، وأمراض العيون الأخرى.
ويحافظ التمرُ على بريقِ العين، ويحفَظ رُطوبةَ العين لاحتوائه على كمية عالية مِن فيتامين a.
5- البيض:
نشرَتْ مجلة التغذية دراسةً جديدة، أثبتتْ أنَّ تناول بيضة يوميًّا قد يساعد في الوقاية مِن أمراض العيون المصاحِبة للشيخوخة والتقدُّم في السن.
ووَجَد الباحثون أنَّ البيض غنيٌّ بمركبات طبيعية تُفيد العيون، وتحمي من مرَض تحلُّل طبقة الماقولا العينيَّة (macula lutea)، وهو مرض مزمِن ينتج عن تلفِ نسيج الماقولا الشبكيَّة المسؤولة عن الرؤية المركزيَّة، فيؤدِّي إلى تشوُّشِ هذا النوع مِن الرؤية، أو ظهور بُقعة داكِنة في مركز الرؤية البصرية، فيحتاج المريضُ إلى ضوء قويٍّ عندَ القيام بعمل قريب، كقراءة كتاب أو صحيفة، ويُصبح من الصعب قراءةُ لافتات الشوارع، أو تمييز الإشارات، وتشوش الرؤية، وقد تتطوَّر هذه الحالةُ إلى فقدان البصر المركزي في إحْدى العينين أو كليهما.
كما أظهرتِ الدراسات أنَّ مادة "لوتين" الموجودة في البيض أكثرُ امتصاصًا في الجسم مِن تلك الموجودة في مصادرَ غذائية أخرى، بسببِ احتواء مح البيض على مكوِّنات حيويَّة؛ مثل: مادة "ليسيثين".
ويُعتبَر انخفاض مستويات اللوتين في الجسم عاملَ خطرٍ مهم للإصابةِ بتحلُّل الماقولا العينيَّة، الذي يُعتبر السببَ الرئيسي لفقدان البصرِ عندَ المسنين.
وأوضح العلماءُ أنَّ اللوتين ومركبات الكاروتينويد الأخرى؛ مثل: "زيكسانثين" تتراكَم في الماقولا، وتُفرز أصباغًا صفراءَ تحمي العين، مُشيرين إلى أنَّ بيضة واحدة يوميًّا تُزوِّد بالكمية المناسبة من اللوتين، دون الخوف مِنَ ارتفاع نِسبة الكوليسترول في الدم.
وجَدَ الباحثون بعدَ مراقبة 10 متطوِّعين استهلكوا السبانخَ أو البيض، أو نوعًا واحدًا أو اثنين من مكمِّلات اللوتين، بحيث زُوِّد كل مصدر بسِتة (مللي غرامات) من المادة يوميًّا – أنَّ مستويات اللوتين كانتْ أعلى بثلاث مرَّات عندَ المتطوِّعين الذين أكَلوا البيض كمصدرٍ لهذه المادة.
المصادر:
شبكة الإنترنت:
• الجمعية السعودية لطب العيون.
• منتديات نادي البصريات السعودي.
• منتديات الكتبي.
merciiiiiiiiiiiiiiii
بارك الله فيك على المرور
بارك الله فيك
شكرا جزيلا
بارك الله فيك
جزاك الله خيرا على المرور
بارك الله فيكبارك الله فيك بارك الله فيك بارك الله فيك
بارك الله فيك على المرور
لك مني كل الاحترام والتقدير